فاطمة العتيبي
عرف عني إني من حزب المبشرين المتفائلين لكنني لست من حزب السذج الذين يرددون التفاؤل بدون مبررات.. وأنا اليوم متفائلة، فهياكل الحكومة الجديدة تبشر بحوكمة وإدارة رشيدة اختصرت الكثير من دورة العمل الطويلة والازدواجية والعزلة الإدارية لوزارات تؤدي ذات المهام والتي كانت من معوقات التنمية وذلك بتقليص عدد الوزارات والهيئات والمجالس واللجان، هذا شيء يسعد جداً كل مهتم في التنمية لأنه كان من المقلق جداً أن تظل هيكلة الحكومة بدون مراجعة وإعادة نظر تبعاً لتغير الظرف الاقتصادي أو لثبات عدم جدوى بقاء بعض المجالس والهيئات.
ويسعدني أن أعاود نشر مقال كتبته ونشرته الجزيرة في 3-11-2014م في هذه الزاوية يتضمن أهمية مراجعة الهياكل التنظيمية وسماتها وأثرها في العمل التنموي.
تأسست المملكة العربية السعودية على نظام إداري محكم، قابل للمراجعة والتحديث والتطوير في ظل فلسفة متينة قائمة على الثوابت الدينية المستمدة من مصادر التشريع التي يستند عليها النظام الأساسي للحكم. وبما أن المجتمع يتكون من مجموعات كبيرة ومتعددة ابتداء من: الدولة، الحكومة، الوزارة، المنطقة، المحافظة، المؤسسة، والجمعية.. فإن التنظيم مرحلة ملحة لجعل هذه المجموعات تعرف واجباتها وحقوقها يتحقق ذلك بتنظيم هذه المجموعات بما يعرف بالهيكل التنظيمي للدولة ويأخذ نفس سمات الدولة من حيث المركزية واللامركزية.
وتتولى كل جهة تنظيم عملها بهيكل تنظيمي فرعي خاص بها ويتسق مع نظام الدولة وسياساتها.
ومن خلال استقراء تطور الهياكل التنظيمية واتساعها وانكماشها تظهر السمات الثقافية ويستطيع المحلل الإداري الحصيف أن يفهم ثقافة المنظمة من خلال اطلاعه على الهيكل التنظيمي الخاص بها، فإن كان مترهلاً أدرك أن ثقافة الجمود هي الطاغية وإن وجده متشعباً متكرراً أدرك أن الازدواجية وتضارب الصلاحيات تؤدي إلى اشتعال فتيل الصراعات. وإن وجده رأسياً أدرك حجم البيروقراطية والمركزية مما يعني مزيداً من البطء في دورة العمل واحتكار القرار والتنفذ. وإن وجده أفقياً عريضاً جداً علم حجم المجاملات وتنصيب الأكثرية والهدر المالي والمخرج الضعيف لتفتيت العمل وتجزئته. وإن وجده منكمشاً جداً أدرك أن الميزانيات منخفضة وأن الدولة ترشد في إنفاقها وتقلل من مصروفاتها.
وإن رأى المواقع القيادية للذكور علم أن المرأة مهمشة في المجتمع.
مؤشرات عدة يمكن أن نستخلصها من الرسم التفصيلي للهيكل التنظيمي لأي منظمة وذلك لأنه الأداة الفعالة للتطوير بما تحتويه من تنظيمات إدارية واسعة وقدرة كبيرة على تحديد المهام وتصنيف الموظفين ومراتبهم حسب المهام والمؤهلات التي تعينهم على أدائها.
الهيكل التنظيمي هو خريطة الطريق التي من خلالها يتحدد إذا كانت المنظمة في طريقها الصحيح أم لا، فإن صلح الهيكل صلحت المنظمة والعكس صحيح!.. «يعرّف الهيكل التنظيمي علمياً بأنه الإطار الذي يتم بموجبه ترتيب جهود جماعة من الأفراد وتنسيقها في سبيل تحقيق أهداف محددة».. ومن خلاله يتم: تحديد النشاطات المطلوبة لتحقيق تلك الأهداف.. تحديد الأفراد المسؤولين عن القيام بهذه النشاطات.. تحديد الإمكانيات والموارد التي سيستخدمها هؤلاء الأفراد وتوضيح العلاقات الإدارية من حيث المسؤوليات والسلطات من أعلى إلى أسفل ومن أسفل إلى أعلى.
وهذا يعني أن الإدارة تضع الهيكل المناسب الذي يضمن تحقيق الأهداف بأقصى كفاءة ممكنة وبأقل كلفة وهو مايتواءم مع الإدارة الرشيدة على أن تحظى الهياكل بالمراجعة المستمرة وبنائها حسب المستجد، وحسب توافر وكفاءة الموارد المالية والبشرية ومتطلبات المرحلة وغايات الدولة الكبرى وخطط التنمية التي تستهدف بناء الإنسان وتقديم خدمة مجودة له.