د. أحمد الفراج
يوم الجمعة الماضية، وفي بادرة نبيلة، ورمزية عظيمة، لها مدلولاتها العميقة، تشرف أبناء الراحل الغالي، خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله ابن عبدالعزيز بإهداء « السيف الأجرب « إلى عمهم، خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان ابن عبدالعزيز.
ولهذا السيف، ذو الجراب الخارجي المصنوع من الذهب، والقبضة المصنوعة من العاج، قصة، بل حكايات تضرب في أعماق التاريخ، فهو سيف الإمام، تركي بن عبدالله ابن سعود آل سعود، الفارس الشهير، ومؤسس الدولة السعودية الثانية، والذي اشتهر بالشجاعة، وقاتل قتال الأبطال، حتى استطاع إعادة الحكم إلى أسرة آل سعود، وهذا الإمام هو جد الغالبية العظمى من أسرة آل سعود، ومنهم مؤسس الدولة السعودية الثالثة، الملك المؤسس، عبدالعزيز ابن عبدالرحمن الفيصل، وأبناؤه الملوك من بعده، على المتوفين منهم شآبيب الرحمة !.
هذا السيف، الذي ارتبط بتأسيس دولة، كان مصدر فخر للإمام تركي ابن عبدالله، وهو الذي يقول :» يوم إن كلن من خويه تبرا... حطيت الأجرب لي خوي مباري... نعم الرفيق اليا سطا ثم جرا... يودع مناعير النشاما حبارى... أحصنت نجد عقب ما هي تطرا... مصيونة عن حر لفح الضواري».
وقد توارثته الأجيال حتى وصل إلى الملك عبدالعزيز، رحمه الله، بعد توحيد المملكة، ويروي المؤرخون أن الملك عبدالعزيز أهداه، بعد ذلك، إلى جماعة استجارت به، وأمرهم أن يخرجوا إلى البحرين، ويسلموه لأسرة آل خليفة الحاكمة، وقال لهم: « اذا رأى آل خليفة السيف فإنهم سيجيرونكم، ويكرمونكم «، وقد سلمت الجماعة السيف الأجرب للشيخ حمد الأول، والذي أجارهم، وأكرمهم، ثم توارثه شيوخ البحرين، حتى وصل للشيخ محمد بن سلمان، والذي اهتم به، ووضعه في غرفة خاصة، وكان ينظفه بنفسه، لمعرفته بقيمته التاريخية الكبيرة.
في شهر أبريل من عام 2010، قام الملك عبدالله بن عبدالعزيز، يرحمه الله، بزيارة رسمية إلى البحرين، وأهداه الملك البحريني، حمد بن عيسى آل خليفة، السيف الأجرب، في حادثة غطتها وسائل الإعلام بكثافة، ويوم الجمعة الماضي، وفي بادرة لها رمزيتها العميقة، أهدى أبناء الملك عبدالله هذا السيف التاريخي للملك سلمان، ولا أحد يهتم بتاريخ أسرة آل سعود، وتراثها مثل الملك سلمان، فهو مؤرخ أسرة آل سعود، والراصد الدقيق، ذو الذاكرة الحديدية، وهو يتابع كل ما يكتب عنها داخليا وخارجيا، فمرة ليشكر من كتب بإنصاف، ومرة ليضيف معلومة جديدة، وأخرى ليصحح هذ الخطأ، أو ذاك، وربما لا يوجد مثقف سعودي، أو كاتب لم يتواصل معه الملك سلمان بهذا الخصوص، فهو مؤرخ، وشاهد على العصر، وبدخول « الأجرب « في عهدته، يكون لدينا سيفان: سيف يحكم، وسيف يحكي قصة تختصر تاريخ هذا الوطن الكبير، والعريق، فاللهم احفظه بحفظك، وأدم أمنه وعزه!.