د.ثريا العريض
هناك جانب آخر للمستجدات في إدارة الدولة ملفت للانتباه إيجابياً, حيث خلال أيام من تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز سدة الحكم وتلقي البيعة, جاءت القرارات والبيانات الملكية بتغييرات في هيكلة الحكومة ومؤسساتها. وبناء عليها اتضحت بعض معالم التوجهات القيادية الرسمية الجديدة في تشكيل الوزارات وإلغاء بعض الهيئات والمجالس العليا في الدولة. وتوزيع وتكثيف التركير في الأهداف والمهام بين السياسية الأمنية الدفاعية, والخدمية الاقتصادية التنموية. بنظرة شمولية، صحيح أن السياسات العليا لم تتغير عما التزمت به حكومتنا الرشيدة وقياداتها من قبل, من حيث التركيز على الأمن والأمان والسلام والاستقرار داخلياً وخارجياً, وعلى التنمية المستدامة, وتطوير موقع الدولة اقتصادياً عبر الصناعة والتجارة وتنويع مصادر الدخل, ومواصلة العمل لتثبيت الولاء والانتماء عبر تقوية الشعور بالمواطنة، وتمكين المواطنين اقتصادياً، وحمايتهم صحياً وثقافياً ومجتمعياً وقضائياً, وتقديم الخدمات والحماية لهم وللمقيمين والزائرين خدمياً وحقوقياً؛ كل ذلك مستمر الآن وبتوجه مكثف لإزالة الرواسب السلبية المتراكمة، ليس بفعل قصور متعمد في التشريعات بقدر ما هو قصور في التنفيذ والالتزام بالتعليمات والضوابط. وإذا كان الاستعداد البشري والضعف أمام إغواء النفس يقود إلى الفساد الإداري والفردي كأهم مسببات تصدع الأمم واندثار الحضارات, فإن مسؤولية القيادة المثقفة أن لا تترك مجالاً وثغرات تتسلل منها عوامل تسريع وتغذية الفساد, أولها الترهل وصعوبة المراقبة وانعدام المحاسبة. لذا, مطمئن أن نرى استمرارية دعم مشاريع التطوير في الأداء القضائي والخدماتي ومتابعة البناء عليها، والإضافة النوعية لها. وأول بشائر ذلك ما جاء سريعاً من ترشيدات وتعديلات واضحة في الهيكلة الجديدة وُجهت لإزالة الترهل في الأجهزة الحكومية, وتأكيد العمل كفريق تجمعه أهداف عليا نهائية، وهذا توجه جيد ليس ضمن العرف المعتاد من العمل المؤسساتي الفردي لكل وزارة على حدة. ولذلك رأينا دمجاً لبعض الوزارات التي ترتبط أهدافها مثل وزارتي التعليم العالي والتربية والتعليم, ووزارة الخدمة المدنية والعمل ربما لربطها على المدى الطويل بمؤشرات وأهداف الساحة الثقافية المجتمعية العامة وسوق العمل العامة, لحل أوضاع العطالة, ومشكلة تنامي أعداد العمالة الوافدة, وسد فجوات الوعي العام والأعرافالسلبية التأثير, وثغرات التصدع المجتمعي فئوياً بسبب تسيب التنشئة وضعف التربية وضبابية التوعية.
أما تكثيف التركيز العام الى ذراعين متداعمين ومتابعة اهتمامات الوزارات جمعياً لحفظ الاستقرار والنماء العام؛ 1- الشؤون السياسية والأمن والدفاع, و2- شؤون التنمية والاقتصاد, وإلغاء إثني عشر مجلساً توجيهياً وهيئة إشرافية .. فهو توجه نتفاءل به تخطيطياً، ونتأمل رؤية نتائجه في الأداء وضمن التركيز على الأهداف البعيدة التي توازن شؤون التنمية والاقتصاد والخدمات متجذرة في الوعي والاستقرار والأمن. أتوقع أن ما وصلنا هو أول الغيث وأننا سنرى المزيد من التفاصيل والتحديثات القادمة.