د. عبدالرحمن الشلاش
وزارة التعليم المسماة بهذا الاسم بأمر ملكي كريم من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بعد دمج وزارتي التعليم العالي والتربية والتعليم هي في الواقع مجموعة وزارات في وزارة واحدة إذ سبق دمج الوزارتين الحالي دمج مبكر قبل أكثر من عشر سنوات بين وزارة المعارف والرئاسة العامة لتعليم البنات آنذاك. وزارة التعليم ولدت بعد دمج كل المكونات التعليمية في منظومة واحدة. الجامعات والابتعاث والتعليم العام والخاص, وتعليم الموهوبين ممثلا في مؤسسة موهبة ربما هذه أبرز المكونات. لعل من أبرز دواعي الدمج تحقيق أعلى مستوى من التنظيم والتنسيق والقضاء على الهدر البشري والمادي والتخطيط للتعليم وفق سياق واحد لأن تفتيت التعليم وتباعد مؤسساته قد يؤدي حسب ما طرح من رؤى إلى تشتيت الجهود وبعثرتها بصورة لا تخدم المصلحة العامة. ضربت أمثلة من خبراء ومتخصصين لأبرز النتائج المتوقعة مثل تجسير التعليم، وإعداد الطلاب في التعليم العام للتعليم الجامعي بصورة أكثر جودة بعد ردم الهوة الموجودة حالياً، والاستفادة من خبرات التعليم الجامعي في التعليم العام والعكس لتطوير المناهج بما يواكب عصر المعرفة بالتركيز على تنمية مهارات التفكير من أجل الإبداع والابتكار، وتحسين الأداء العام لتحقيق الجودة.
دمج الوزارتين في وزارة واحدة جاء بأمر ملكي كريم، وطالما أنه أصبح واقعا فلا مجال لمناقشته بأسئلة من نوعية أيهما أفضل دمج الوزارتين أم فصلهما وإنما دعم القرار ومساندة الوزير الجديد بالرأي وطرح الحلول العملية المساعدة على تحقيق أهداف الدمج وهي أهداف في نظري بعضها تعليمي بحت وأخرى تنظيمية برؤية اقتصادية لترشيد الإنفاق والاستفادة من العناصر بأقصى ما لديها من قدرات وطاقات.
من نظرة أولية للوزارة بعد الدمج نجد أن جهاز الوزارة الجديد متضخم جداً بما يحتويه من قطاعات متنوعة ومختلفة عن بعضها. عدد كبير من القطاعات التابعة للوزارة ووحدات مرتبطة بها. مدارس ابتدائية ومتوسطة وثانوية وما يقارب الثلاثين جامعة علاوة على المراكز المتخصصة وكل هذا يضاف إلى المشكلات المرتبطة بها. بعض هذه المشكلات طارئ والآخر مزمن. المشكلات المزمنة تتعلق ببنية التعليم المرئية وغير المرئية. البنية المرئية تتمثل في المباني والتجهيزات والوسائل المادية والتي تعاني من الضعف الواضح، أما البنية غير المرئية وهي الأهم فتتمثل في العقول القادرة على الإبداع والابتكار وتقديم المنتجات المبهرة تلك البنية ما زالت تعاني من الضعف إذ يقدم التعليم للطلاب إلى اليوم وكأنه معلبات جاهزة يحفظونها لأيام الاختبارات دون وضعهم في ظروف تعليمية تتيح لهم فرص التفكير المبدع وتقديم الحلول العملية.
المشكلات الطارئة هي نتاج لبيروقراطية العمل الروتيني البطيء وعدم التعامل السريع مع الأزمات حال وقوعها لذلك تضخمت ملفات لمشكلات لم يكن لها وجود تتعلق بالتوظيف وأخرى بتحسين مستويات المعلمين وكذلك استقطاب أساتذة الجامعات الأجانب على حساب المواطنين وغيرها من عوائق كثيرة حالت دون التطوير المنشود طيلة السنوات الماضية وأغرقت الوزارات المتتابعة في بحر العمل الإداري البحت.
حمل كبير على معالي الدكتور عزام الدخيل إلا أن استعانته بخبرات تشربت العمل التربوي وأدركت مكامن الخلل قد يعجل بتحقيق طموحات القيادة الرشيدة والممثلة لطموحات المواطنين.