سعد الدوسري
سأل الزميل خالد مدخلي، في نشرة الرابعة بقناة العربية، وزيرَ الإعلام الأسبق الدكتور عبدالعزيز خوجة:
- هل كنت تقول لفقيد الكلمة الأستاذ عابد خزندار، رحمه الله، أثناء أحاديثك معه حول مقالاته اليومية؛ «هدّي»؟!
أجاب الوزير:
- أبداً، أنا لم أقل له يوماً؛ «هدّي».
وكلمة «هدّي»، وهي من القاموس «المدخلي»، المقصود بها: خفف من حدة مقالاتك؛ وهل لو قال خوجة لهذه القامة الأدبية والصحفية: «هدّي»، سوف «يهدّي»؟!
جرت العادة أن العديد من الرواد، حين يصل بهم العمر إلى مرحلة لا يستطيعون معها مصارعة القوى السائدة، بفعل التعب والوهن الذي أصابهم من هذا الصراع، إما ينزوون عن المشهد، وإما يهدأون ويتخذون وسائل سلمية لطرح آرائهم. وهذا ما لم يحصل مع خازن المعرفة، الذي انتقل إلى جوار ربه الثلاثاء الماضي في باريس، فلقد ظلَّ يصارع التيارات الانهزامية والظلامية إلى آخر يوم في حياته، سواء من خلال زاويته «نثار» في الشقيقة «الرياض»، أو من خلال حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، وهما الموقعان اللذان يؤكدان أن هموم الناس كانت خياره الوحيد.
أما أن تلتقيه، فهذه مسألة أخرى. فعلى الرغم من حالته الصحية، يحرص أن يقوم بواجب ضيافتك في شقته المتواضعة، على أتم وجه، وأن يستغل كل دقيقة للحديث عن الأدباء الشباب في الأحساء والدمام والجوف وجيزان وينبع، وتكاد تشعر بأن من أمامك يتنفس منك الحديث تنفساً عميقاً، دون أن تفارقه تلك الابتسامة الخفية الساحرة التي تنقل لك، بشكل لا إرادي، عدوى التفاؤل والأمل.