عبدالوهاب بن حسن القحطاني
مساء يوم الجمعة الماضية ، ومع الرعاية الأولى لصاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ، لتسليم كأس سموه الذهبية، كانت الجماهير الرياضية في المملكة تعيش فرحة غامرة بإطلالة هذه الكأس من يديْ سموه , بحضور عدد من أصحاب السمو الملكي الأمراء في مقدمتهم صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز , الذي يشرف أول مناسبة رياضية لسموه في العاصمة الرياض , منذ تعيين سموه أميراً لمنطقة الرياض ؛ وكذلك الحال لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز , الذي يحضر لأول مرة مناسبة رياضية جماهيرية منذ عُيِّن سموه ولياً لولي العهد ونائباً ثانياً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للداخلية ، وعدد آخر من أصحاب السمو الملكي الأمراء , وأمام تلكم الجموع التي احتشدت في درة الرياض استاد الملك فهد الدولي، للاستمتاع بعرس المباراة الختامية لكأس سمو ولي العهد بين فريقين عريقين لهما مع البطولات صولات وجولات ، الأهلي والهلال , ردّدت الجماهير السلام الوطني للمملكة مقروناً بالبيعة والولاء والحب الصادق لقائد مسيرة البلاد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز , ولسمو ولي عهده الأمين , ولسمو ولي ولي العهد - حفظهم الله - .
في تلك الأمسية تماهت مباراة النهائي بين الجمال والإثارة والإبداع , وسط تحكيم لا نقول : إلا أنه كان مقنعاً جداً ، بالنظر لما آلت إليه نتيجة المباراة .. ولو لم تذهب النتيجة إيجابية لصالح النادي الأهلي الذي استحقها بكل جدارة , لربما كان حكم المباراة تركي الخضير - من غير إرادته - قد سلب البطولة من مستحقها .
فبعد انتهاء الشوط الأول من المباراة والذي شهد محاولات هلالية جادة لخطف نتيجة المباراة في وقت مبكر ، ومع بدايات الشوط الثاني .. اتضحت علامات لا تخفى على المتابع الحصيف أنّ أفراد فريق (الراقي) دخلوا هذا الشوط بأسلوب مختلف من الناحيتين الفنية والنفسية .. فقد اتفق الجميع فيما بينهم بحضور الأمير فيصل بن خالد بن عبد الله .. على أنّ هذا الشوط هو شوطنا .. والفوز فيه سيكون حليفنا .
ورغم الأحداث الدراماتيكية التي مرت خلال دقائق هذا الشوط على النادي الأهلي , من حيث احتساب ركلة جزاء أجاد فيها التمثيل ببراعة اللاعب البرازيلي (نيفيز) بوقوعه على قدم الحارس المعيوف أمام الحكم ، ليحصل منها على ضربة جزاء غير مستحقة مع طرد للحارس عبد الله المعيوف جراء هذه التمثيلية التي لا تتناسب مطلقاً , مع لاعب كبير بحجم هذا لبرازيلي الذي خسر 50% على الأقل من مستواه المعروف عنه خلال هذا الموسم لأسباب يدركها الهلاليون أكثر من غيرهم ! .
ومع ما آلت إليه تمثيلية (نيفيز) واضطرار النادي الأهلي لإكمال ثلثي مدة الشوط الثاني بعشرة لاعبين .. إلاّ أنهم كانوا بمثابة (20) لاعباً ، فلم نشاهد منذ سنين طوال هذه الروح وهذه القتالية والإصرار لدى كامل أفراد الفريق ، وهذا هو ديدن من أراد البطولات .. وحصد الكؤوس من أمام فريق كبير كالهلال .
ومع إطلاق صافرة النهاية لليلة الكأس الذهبية ، توشّحت أرجاء الملعب باللونين الأخضر والأبيض ، وعاشت فرقة قلعة الكؤوس داخل الملعب وملايين الجماهير خارجه أفراحاً وعشقاً للراقي ولأدائه الممتع ولعزيمة أبطاله , وحرصهم أن لا تفلت المباراة من بين أيديهم .
كل أفراد الفريق بلا استثناء من لاعبين وإداريين وطواقم فنية .. وأعضاء الشرف كانوا يداً واحدة مع الراقي . فمنذ وقّع الجميع على اللوحة التي طلبها مدرب الفريق السويسري الأنيق (جروس)، كان الإصرار أمام الجميع يشع من عيونهم ويسري في عروقهم بشعار تأكيدي لبذل كل جهد ممكن لنيل البطولات في هذا الموسم , والتي تحقق بفضل من الله ومنّته أولها كأس مقرن الذهبية .
مساء البارحة الأولى .. كان الأهلي حاضراً في موعده مع الذهب , وملتزماً بالعمل بروح الفريق الواحد تكاتفاً وتعاضداً وإصرارا لما هو قادم من مباريات في دوري عبد اللطيف جميل , وفي مشوار بطولة آسيا . وفي غمرة ليلة الذهب كانت فرحة الجميع لاعبين وإدارة وجماهير فرحة ( راقية )، فقد بدأوها باحترامهم لخصمهم نادي الهلال وجماهيره المؤثرة من قبل أن تبدأ المباراة , وأتمّوها بعد الفوز، فلم ( تشطح ) من أيٍّ منهم كلمات تثير التعصب , أو حركات تثير ( الاشمئزاز ) وتؤلِّب النفوس على القبح . كما ولأنّ الوفاء من شيم الكبار , فلم ينس ( الراقون ) أبداً أن يُهدوا فوزهم بكأس الذهب لرمز الوفاء وإنسان العطاء صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن عبد الله بن عبد العزيز , الذي كان يستحق منهم (عربوناً) كهذه الكأس لرد جبال من الوفاء الجميل تحملها أكتاف كل أهلاوي , فما قد بخل عليهم أبو فيصل ولا تجمّل ، ولا سعى وراء عناوين صفحات الإعلام أبداً ولا تمنّن , بتضحياته المعنوية والمادية لحبه وعشقه الأول للنادي الأهلي , وما هذا العربون لسموه .. إلاّ فأل خير بحول الله , لمزيد من البطولات القادمة .
كما لم يكن بغريب على أبناء النادي الأهلي , أن لا يتعلموا من رمزهم - معنى الوفاء , فكما أهدوا الفوز لسموه، لم ينسوا إهداءه أيضاً لرئيس النادي الأمير فهد بن خالد , ردّ الله غربته وعافى ابنه المريض سعود , فقد عمل بكل جهد وإخلاص مقرون بالعشق الأهلاوي بين الرياض وجدة ، ولم ينسوا كذلك المشرف على الفريق مروان دفتر دار , الذي غادر - شفاه الله , أيضاً للعلاج خارج المملكة .. فوفاء الرجال للرجال .. رسالة تجلّت فيها سمات «الراقين».
وبعد .. فلكلِّ أهلاوي هذه تهنئة خالصة بكأس مقرن الذهبية , وتذكير بأنّ البطولات لا تأتي إلاّ بالعزيمة والتخطيط والجماعية , فهذا الإنجاز كان طريقه وعراً .. ومهره كأساً وذهباً.