محمد بن حمد البشيت
قبيل ثلاثة شهور دخل الحوثيون صنعاء في سبتمبر الماضي، فبدأ العد التصاعدي تدرجيا فالاستيلاء على العاصمة ومن ثم على القصر الرئاسي.. وهو ما يعد انقلابا على شرعية الدولة اليمنية بقوة السلاح الجبرية، التي تخللها الكثير من التواطؤ والخيانات والذمم المشتراة سلفاً، مما أضفت هذه الثلاثية الذميمة مشهدا تراجيديا سيئ الإخراج والإنتاج الحوثي في قلب نظام الحكم اليمني. جر اليمن لمستقبل مظلم مؤد لحرب أهلية، كان اليمن في غنى عنها لو رجحت العقول سلامة اليمن من الوقوع بها. لكن أين هي العقول مما هو حاصل وغير معقول مما يجري باليمن الشقيق؟. والكارثة تحيط بمحافظاته وقراه بل شعبه المغلوب على أمره، والسبب الرئيس الحوثيون.
ولكن رغم استيلاء الحوثيين على صنعاء والقصر الجمهوري، واحتجاز الرئيس منصور هادي، والإفراج عنه بموجب تعديل مسودة الدستور، إلا أن الحوثيين ليس لديهم القدرة على إدارة شؤون اليمن، المنهك بوضعه السياسي والاقتصادي، مهما سارعوا بالقبض على مؤسسات الدولة بدءا بالبنك المركزي ومحطات الإذاعة والصحافة وشرعوا يغيرون بالقيادات الإعلامية الذين بادروا بالانفضاض من المشهد المؤلم احتجاجا على الانقلاب الحوثي الغادر.
ولعل ما يقوم به الحوثي يذكر بما فعله الإخوان بمصر في بداية السنة الأولى لحكمهم في مصر، إلا أن هناك جيشا مصريا وطنيا تصدى للإخوان وكسر شوكتهم، بينما الجيش اليمني لم نره يفعل نفس الشيء بالتصدي للحوثي، فتسلم الحوثي صنعاء طواعية الخيانة، ليتم انقلابهم الأخير على الدولة بشكل تراجيدي، بالتضامن مع الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، عدو الأمس للحوثي حليف اليوم، ورهط من بعض مشايخ القبائل حينما لعب المال الفارسي الدور الكبير بالحدث اليمني الجلل...
الرئيس المخلوع عبدالله صالح هو من يذكي نار التفرقة والعنصرية، وهو ما أفصح عنه أخيرا من تسجيلات ما بين صالح والحوثي، طمعا منه أن ينال أزلامه حصة على أنقاض الشأن اليمني، لكننا ندرك جيدا أن الحوثي لا يؤتمن له جانب، والذي سيمكر بصالح إذا ما استوى على عرش بلقيس.. والذي من المحتمل تنصيب حوثي صعدة إماماً لليمن، ليعيد التاريخ اليمني نفسه، تيمناً بزمن الإمام بدر الدين الحوثي. فتكون اليمن إمامية الزمن الحاضر تماهياً مع الإمامية الخمينية لاسيما وطهران المغذية للفتنة اليمنية والداعمة للانقلاب الحوثي.
كل شيء محتمل الآن.. المتمردون الحوثيون بهجومهم على القصر. واحتجاز الرئيس منصور هادي. الذي دعمت موقفه هيئة الأمم المتحدة «بأنه الرئيس الشرعي لليمن وأن ما قام به الحوثيون هو انقلاب على شرعية اليمن». وإدانة مجلس التعاون الخليجي للانقلاب على الشرعية اليمنية. كل هذا لا يطعم خبزا ولا يكف من يد الحوثي من العبث بوحدة اليمن وسلامة أراضيه. لابد من عمل منجز وسريع لتدارك الحالة اليمنية.. فالآمال التوسعية الفارسية الإمبراطورية تريد الهيمنة على الدول الخليجية من عراق دجلة لمملكة بلقيس..!!