د.ثريا العريض
سألني: هل تؤمنين بالتعذيب وهدر الدم والرجم وعقوبة الجلد حين تصل إلى 1000 جلدة؟ في أي عصر تعيشون؟
قلت: هل هو سؤال بسيط؟ أم اتهام منك وحكم في ذات الوقت؟
لا أقبل بما أشرت إليه. وهو اتهام وجودي يستلزم التوضيح.
ثم لا تشر به إلى ديننا أو إلى أي دين. فالتعذيب مورس في كل زمن باسم القانون والسلطة و تجيير الدين للتفسير المؤدلج. أشر إذن إلى من يسيئون إلى الدين أو أي إيديولوجيا باستخدامها ككمامة للآخرين ووسيلة توصلهم لما يودون عبر تسييد الخوف. و أنت مثقف مطلع تعلم أن جريمة تشويه البشر لمرجعية الدين مارسها البشر لإخضاع البشر في كل العصور وكل المجتمعات وكل الديانات.
واضح أن العنف هو السمة السائدة لزمننا البشري. و أن الحوار لم يعد حوارا بل محاولة متصاعدة من كل طرف لإسكات الأطراف الأخرى و إخضاعها للتجريم وللهيمنة الفكرية والفعلية.
ويبقى أن الضحية الأولى في مسلسل إثبات نظرية «صراع الحضارات» ووصمنا بالعنف والدموية, هي سمعة المسلمين وسلامتهم في كل أوطانهم الحالية في أصقاع العالم. وأن الضحية الأهم حين يكون الانفعال ورد الفعل دمويا هي سمعة الدين القويم.
و مع هذا فالأمر أبعد من مجرد حوار على هامش أخبار لتنفيذ أحكام قضائية غير سائغة إنسانيا.. تنتشر تفاصيل تنفيذها عالميا, فتمسي سلاحا في يد الآخرين لتلويث سمعة الإسلام و المسلمين والدولة ومؤسساتها.
و أنا لم أذكر أي تفاصيل ولكني لا أشك أن كل قارئ منكم يدرك أي خبر أشير إليه، وهذا في حد ذاته يؤدي إلى استنتاجين؛ أن تفاصيل الأخبار الداخلية لكل موقع على الأرض تصل الجميع ولا يمكن إخفاء أي خبر بمنع نشره، فالتقنية الحديثة ستوصل التفاصيل لكل العالم في خلال ثوان من حدوثه, و لا يمكن التحكم التام في استخدام التقنية لأن ذلك مستحيل, و في المنع مؤشر على عدم الثقة, واعتراف بأن ما نمنع توثيقه هو جريمة فعلا.
ولست أضع نفسي أو أضعكم في موقف المطالب بإصدارحكمه على أي من الأطراف المعنية في التهمة والاتهام وما تلاها من أحكام؛ و لا حتى في طريقة التنفيذ والتوثيق.
و لكني أستطيع أن أؤكد أن حدوث ما حدث أمر مؤسف أضربنا جميعا أيما إضرار.