د.موسى بن عيسى العويس
* قبل فترة طالعتنا بعض الأخبار ومفادها أن الحكومة الصينية تحاكم مسؤولاً كبيراً لحضوره احتفالاً كبيراً ينطوي على شيء من الإسراف، والبذخ، والتبذير في المال العام والخاص، بوصف ذلك إحدى الممارسات التي تؤثر على الاقتصاد الوطني في البلاد،ويهدد مسيرتها التنموية، ولم يتضمن الخبر مزيداً من التفاصيل عن منظم ذلك الاحتفال، هل هي إحدى المؤسسات والشركات الحكومية،
أو احتفال شخصي، الأهم أنهم، وعلى أي صورة كان ذلك جرّموا على ذلك المسؤول حضوره الشخصي ومشاركته، باعتبار أن ذلك الحضور يعطي غطاءً شرعياً وقانونياً لإحدى الانحرافات في السلوك الوظيفي للمسؤول من جهة، ولكون ذلك إضرار بالاقتصاد الوطني من جهة أخرى. مثل تلك الأخبار والسلوك الإداري الصارم تجاه الانحرافات بالوظيفة عن مسارها الصحيح يعطينا سر تطور بعض المجتمعات والدول وتصدرها دول العالم في كل شيء.
* لدينا في المملكة العربية السعودية شيء مشابه، ولا أدري هل هو عرف، أو نظام، أم هو صفة استحباب، أقول لدينا أشبه بالأدبيات لمن يمارس القضاء بين الناس، بضرورة البعد عن تلبية الدعوات الخاصة، بوصف ذلك مظنة انحياز، أو تعاطف، أو تواطؤ، أو قد يفضي إلى الإضرار بالعدالة بين المتخاصمين، وربما يكون لحضوره مثل تلك المناسبات من شأنها أن تفتح عليه تساؤلات كثيرة، إذن باب سد الذرائع أحد الأبواب المعتبرة في الشريعة الإسلامية، فالابتعاد عن تلك الشبه ومواطنها أمر محمود، ويعد من قسم النزاهة الذي ينطلق من هدي الإسلام وتعاليمه الخالدة، الصالحة لكل زمان ومكان.
* بعض المؤسسات الحكومية، وحينما شرعت بتطبيق وتنفيذ مشروع الحكومة الإلكترونية في (البصمة الإلكترونية للحضور) وذلك تطبيقاً لمبدأ العدالة والشفافية، والدقة في العمل المحاسبي لكنها اصطدمت في تطبيقها على الجميع، فتعثر المشروع، وهو لا يزال وليداً. وفي نظري أنه ورغم تلك السلوكيات الإدارية تظل خطوات محمودة في الانضباط الإداري الذي ينبغي تعزيزه،والذي بالفعل أخذت به مؤسسات حكومية مرموقة تمتلك قوة الإرادة.
* تواترت بعض الأخبار عن رفض (ديوان المظالم) النظر في موضوع الترقيات في الوظيفة العامة، لكون الترقيات من الصلاحيات التقديرية للمسؤول عن الجهاز، ولها حكم الجواز وليس الوجوب، الأهم ألا يكون ذلك في نظري، أو أتمنى على الأقل ألا يكون (مبدأ قضائيا) وإن كان كذلك، فكيف سيتم تحقيق العدالة التي هي الأساس في كل شيء ؟ ولا ندري إن غابت الجهات الرقابية عن ممارسة أدوارها في ذلك، فما الجهة التي ستتصدى لذلك إن لم تتصد له الجهات القضائية؟
* في إحدى المشاركات في المناسبات ألغت إحدى الشخصيات المعتبرة مظاهر التفرقة بين الموظفين، حيث التقطت بعض العدسات صورا لتلك الشخصية بين صغار الموظفين، وهو يتناول معهم إحدى الوجبات، وفي ذات السياق تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي صوراً لشخصية أخرى معتبرة، وهو يتولى قيادة سيارته بنفسه مصطحباً إحدى الشخصيات المعتبرة كذلك،اليوم تطور الأمر، وأصبح بعض الوزراء في أول تصريح له يعلن تخليه عن بعض التقاليد الاجتماعية المتمثلة في ارتداء المشالح وهو يمارس العمل الموكل به، وهي رسالة إيجابية ذات دلالات متعددة.
* أخبار متفرقة، من هنا وهناك، أصبحنا نعتز بها، لأننا أصبحنا ننعم بصحافة حرة منطلقة قادرة على نقل وتشخيص المشكلات وطرح الحلول المناسبة، كما يعطي مؤشرات كبيرة على أننا أصبحنا نسير بخطوات جادة نحو الإصلاح الإداري، والمالي، والاجتماعي، والثقافي الذي غيب عن المشهد فترة من الزمن.