سمر المقرن
ديم السرور ونورة السبيعي، لكل منهما أشقاء من ذوي متلازمة داون. قررتا عمل حملة تثقيفية في المجتمع لنشر ثقافة مفهوم متلازمة داون وحقوقهم. فالمجتمع ما زال قاصر الفهم عن هذه الفئة، بل إن الإعلام نفسه والذي يجب أن يحمل رسالة القيادة الفكرية للمجتمعات، هو نفسه لا يعرف كيف يطرح المواضيع والتقارير والتحقيقات الخاصة بهم، لذا أقترح على ديم ونورة أن تركزا في هذه الحملة على تثقيف المجتمع الإعلامي وشرح معنى «متلازمة داون» للعاملين في مجال الإعلام، ليتمكنوا من الأدوات الصحيحة عند طرح مثل هذه القضايا. فلا يُمكن لمن يعمل بالإعلام أن يطرح قضايا يجهلها، كمن يكتب عن حقوق المرأة وهو لم يقرأ النصوص الشرعية الخاصة بهذه الحقوق ولا المواثيق الدولية، كذلك لا يمكن أن يتناول شخص ما بالإعلام قضايا المستهلك وهو لم يطلع على النصوص الحقوقية الخاصة به، وخذ في هذا عن بقية المجالات الأخرى، لذا من يتناول قضية يجهلها -غالبًا- لا يوفق في طرحها، ويقدم حولها معلومات مغلوطة تثبت مع الأسف في ذهن المتلقي!
ديم ونورة وضعتا لحملتهما عنوانًا هو: ( نحن _نثقف) وهو وسم موجود على تطبيق تويتر، عندما زرته وجدت عدداً قليلاً من المشاركات، فليس هناك تفاعل كالذي يحدث مثلاً في هاشتاق خاص بكرة القدم، أو هاشتاق مثير لفتنة وطنية، هذا يقيس لدينا اهتمامات الناس، نفس الأمر على المقالات، فعندما أكتب مقالاً كهذا المقال لا يجد أصداءً قوية كما لو كتبت في قضية خاصة بالمرأة وخصوصًا قيادة السيارة، هذا وعلى عجالة يعطينا دلالة على أن هناك من يتحكّم بقبضة التأثير على الناس واستغلال مواقع التواصل الاجتماعي والواتس اب وغيرهم لإثارة الناس وتوجيههم إلى موضوعات دون أخرى، أما الموضوعات الإنسانية والتثقيفية فهي تُقابل بالتجاهل!
حملة ديم ونورة تستحق منًا كمجتمع التفاعل معها، فهي تهتم بفئة لم تعد قليلة في مجتمعنا، فآخر الإحصائيات أكدت على ولادة طفل من ذوي متلازمة داون من بين 700 ولادة، ولو حسبنا من إجمالي يبلغ 255 ألف مولود سنويًا، فإن العدد المتوقع لمتلازمة داون يبلغ 200 مولود كل عام في السعودية. والأسئلة المفترضة في ظل هكذا أوضاع، ما الذي أعددناه لهذه الفئة؟ هل يفهم المجتمع متلازمة داون ويستطيع التعامل معهم كأعضاء في المجتمع وليسوا من كوكب آخر؟ هل فكرنا في وضع خطة وطنية تشتمل على التعليم والتدريب والتوظيف لهذه الفئة؟ مع العلم أنهم بأمريكا - وقد شاهدت هذا بعيني ولم ينقله لي أحد- يدرسون بالجامعات ويعملون في المكاتب وأعمال السكرتارية، بينما نحن وظفنا بعضا منهم في تعبئة الأكياس في السوبرماركت ونشعر بالإنجاز والفرحة تجاه هذا، فيما لو تلقوا تدريبًا وتعليمًا أفضل فإن لديهم القدرات لعطاء أفضل، شرط أن يصحح المجتمع نظرته المغلوطة وأفكاره البالية، ويصعد ليعيش في هذا الزمن بعيدًا عن الخرافات التي تُعيدنا إلى عصر الجاهلية وما قبله.
كثير من ملفات متلازمة داون يجب أن تناط بوزارة التعليم، ووضع خطط ناجحة للدمج الذي لم نوفق به إلى اليوم، فلن يتمكن ذوو متلازمة داون من الانخراط في المجتمع ما داموا معزولين في مراكز ومدارس لا يرون فيها سوى أنفسهم!