ناهد باشطح
فاصلة :
((الأحلام لا تبثها الأحداث دائما))
- حكمة يونانية -
قالت لي العزيزة «د. ثريا العريض» في حديث قصير عن الإحباط (علينا ألا ننشر الاكتئاب)
تأملت كثيرا في الجملة التي قالتها أو النصيحة التي وجهتها إلى دورنا ككتّاب ننشر أفكارنا في وسائل الإعلام وهي بشكل أو بآخر سوف تؤثر في الرأي العام خاصة إذا تكثف التركيز حول فكرة معينة.
ومع اقتناعي بنصيحة كاتبتنا القديرة «د. ثريا» إلا أن هذا الدور للكتاب من الصعب القيام به ما لم تنضج أدوات الكاتب، إذ إن لكل كاتب روحه الكتابية المستمدة من شخصيته ومن الصعب على شخصية سلبية أن تكتب عن الإيجابية ومن الصعب أيضا على كاتب محبط يكتب عن الفرح والسعادة وهو يعاني في حياته الأسرية أو العملية.
هناك مسالة أخرى وهي عين الكاتب التي ترى ما لا تراه العيون الأخرى فهي عين متأملة تبحث فيما وراء الصور ولذلك قد تدرك ما لا يدركه الآخرون وتتفاعل مع الواقع بشكل أكبر من تفاعل الآخرين .
ولهذا يبدو الأمر صعبا إن كانت شخصية الكاتب في أصلها حساسة أن ينسلخ عن واقعه فيكتب خلاف مشاعره الحقيقة.
لكن الكتّاب أنواع ومثلما يوجد في كل مهنة المزيفين يوجد في مهنة الكتابة من يزيف الواقع وينشره وهذا ما يسمى بتضليل الرأي العام وله أساليب مختلفة كالكذب وتحريف الحقائق وتضخيم أو تشويه الوقائع.
الكاتب هو مرآة المجتمع المستقبلية وليست الآنية في بعض الأحيان وعليه قبل أن يكون مرآة نفسه أن يتفهم معنى دوره الحقيقي حيث تكمن رسالته في أن يخلع ثوبه الذي يرتديه في حياته الخاصة بكل ما فيه من بصمات وآثار ليؤدي الدور المنوط به.
وربما كتب عن السعادة وهو حزين وعن الأمل وهو محبط وهو بذلك لا يكذب إنما يحاول أن يكون مؤثرا في مجتمعه بشكل إيجابي.
فإن اضطر إلى أن ينشر بكاء حروفه فليطلب بشفافية من القراء احتوائه لكيلا تأخذ معاناته طابعا عاما مؤثرا في المبادئ العامة لرسالة الكاتب في مجتمعه.