يوسف المحيميد
كلما وقع أحد الأندية الرياضية لدينا مع شركة راعية غير سعودية، تساءلت ما سبب ذلك؟ هل شركاتنا غير كفوءة؟ هل ميزانياتها لا تحتمل ذلك؟ هل هي خاسرة مثلاً؟ أم أنها لا تلتفت لدورها في المسؤولية الاجتماعية؟ أم تعتبر الرياضة شأن سخيف لا يستحق الرعاية؟ رغم سطحية هذا التفكير على مستوى التسويق والانتشار، فمعظم فئات المجتمع وشرائحه تتابع كرة القدم بشغف.
منذ أن وقَّع الهلال قبل سنوات مع شركة اتصالات خليجية، وحتى رعاية خطوط الطيران الخليجية لناديي الأهلي والاتحاد هذا العام، والسؤال يكبر دون إجابة، خاصة لما يشهده القطاع الخاص من نمو إيجابي، جعل إجمالي الناتج المحلي يصل نحو (2.8) تريليون ريال خلال العام الماضي، ويكفي أن المملكة ضمن مجموعة العشرين الاقتصادية، ومع ذلك لم يزل القطاع الخاص ينمو ويكبر ويأخذ، ولا يمنح، ولا يبادر، ولا يسهم في المجتمع، وفي معظم قطاعاته هو غائب عن دوره ومسؤوليته الاجتماعية!
وهذا الأمر ينطبق أيضاً على الثقافة والأدب، فهي من باب أولى منسية تماماً من القطاع الخاص، صحيح أن منح الدولة عشرة ملايين لكل ناد أدبي، بأمر من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، هو دعم وإنقاذ لهذه الأندية التي تحاول أن تقدّم شيئاً، بميزانياتها البسيطة التي تبلغ مليون ريال، لكن نموها وازدهارها سيكتمل لو بادرت بعض القطاعات الخاصة، كالبنوك، وشركات التعمير والبناء، وسلاسل المكتبات الضخمة، وحتى الجامعات الأهلية، بنسبة ضئيلة من أرباحها، بتحمّل مسؤوليتها تجاه المجتمع، ورغم أن الدولة لا ترغب بفرض نسب معينة على القطاع الخاص للإحساس بالمجتمع، إلا أنها يجب أن تحث هذا القطاع وتحفزه على مثل هذه الأدوار، وتقدم تسهيلات أكبر لمن يتفوق بدوره الاجتماعي، لأنه ممكن أن يتحمّل بعض العبء عن الدولة، وهذا متعارف عليه في كل أنحاء العالم.
فهل يعقل أن شركات البناء التي شيّدت الدوائر الحكومية والأبراج والمشاريع السكنية وربحت منها المليارات، لا تسهم في بناء الإنسان؟ وهل يعقل أن البنوك التي تضخّمت أرباحها، وهي تلتهم دخول المواطنين من قروضها العقارية والشخصية، لا تدفع القليل لأجل هذا المواطن؟
لماذا لا يستجيب القطاع الخاص لمثل هذه الدعوات، ويشارك الدولة والمجتمع في البناء؟ لماذا لا تتعاون هذه الشركات مع الأمانات والبلديات في المدن والقرى، لتزيين هذه المدن وتجميلها؟ والتكفّل بتصميم وتنفيذ الميادين والساحات والحدائق، ذات التكاليف البسيطة التي لا تشكّل شيئاً بالنسبة لميزانياتها السنوية؟ إنها أسئلة كبيرة بحجم أموال هذه القطاع وثروات رجاله!