أ. د.عثمان بن صالح العامر
أكتب مقالي هذا وأنا على متن طائرة الخطوط الجوية السعودية رقم 1333 المتجهة إلى مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة، ومنه مباشرة أتوجه -بإذن الله- إلى مكة المكرمة، وذلك من أجل المشاركة في المؤتمر الإسلامي العالمي لمكافحة الإرهاب الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي، ويشرف برعاية كريمة من لدن مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ويفتتحه ظهر يوم غد الأحد 3 -5 - 1436 للهجرة نيابة عن خادم الحرمين الشريفين صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة.. سأعرض في إحدى جلسات المؤتمر -بإذن الله- دراستي «مسئولية المثقف الإسلامي تجاه قضايا الإرهاب»، وفي الوقت ذاته وعلى المستوى الشخصي أحاول جهدي أن أظفر من خلال ما يُقدم من أبحاث وكلمات، وما يدور من نقاشات وتعليقات بالإجابات القاطعة لسيل الأسئلة التي تدور في ذهنية البعض:
- ترى لماذا تنطلي قضايا الإرهاب وما يرتبط بها من تهويمات وزيف على ثقافة البعض منا نحن السعوديين الذين نشأنا في دولة سلفية وسطية متسامحة؟
- كيف وجدت هذه العقائد الباطلة طريقها إلى الممارسة الفعلية في المجتمع المسلم؟
- ما أهم الأسس والقناعات الفكرية التي تمثل خلفية نظرية لتلك الممارسات التي هي أبعد ما تكون عن الإسلام الوسطي ألخ؟
- والأهم: كيف تكونت هذه الأفكار المتطرفة الدموية في ظل البيئة الإسلامية، ووجدت من يعتنقها ويمارسها وأحياناً يقبلها ويبررها صمتاً إن لم يكن علناً في عالمنا الإسلامي الواسع؟
- كيف انتشرت ثقافة عالمية تبرئ الإرهابيين الفعليين وتلصق التهمة بكل من يدين بالإسلام وهو منها براء، إذ إن اللافت للنظر والمثير للاستغراب والدهشة أن ينسب الإرهاب إلى الإسلام ويربط بثقافته، ويفترض ذلك وينتشر في وعي العالم المعاصر بقوة وسائل الاتصال وما تلعبه من تزييف للوعي وتشويه للتاريخ، بدافع المصلحة وتحقيق المآرب تارة، أو بغرض التبرير والتمهيد لإحكام السيطرة من خلال مقومات القوة تارات أخرى؟.
- لماذا يعود من خضع للمناصحة فترة من الزمن كافية فعرف الحق واعترف بالخطأ إلى سابق عهده وماضي انحرافه؟
- أين الأثر الإيجابي المنتظر من مناهجنا الإسلامية في ذهنية المتلقين لها في العالم؟
- ما الجديد الذي سيضيفه المؤتمر إلى ما قيل من قبل في الموضوع ذاته وبمؤتمرات عالمية مماثلة؟
- ما انعكاس ما يقال في هذه الأيام الثلاثة على الواقع العالمي المعيش وقائياً وعلاجياً؟
- وطنياً .. أين ستتوجه أصابع الاتهام إن كان هناك متهم بالتقصير في أداء الواجب الملقى على عواتقنا جميعاً إزاء الشباب الذين انخرطوا في منظومة المنضوين تحت رايات هذا الفكر المتطرف أياً كان، خاصة أن المؤسسة العسكرية- الأمنية تقوم بواجبها الميداني في المواجهة والمتابعة والرصد، وتبقى أسئلة التربية والفكر مشرعة أمام الكل، وفي وجه الأب والمعلم والخطيب والكاتب والصديق؟
هذه التساؤلات وما ماثلها تضع العديد من علامات الاستفهام حول أدوار ومسئوليات الأوساط العقدية والفكرية والثقافية والسياسية في كشف المقولات المغلوطة والزيف والتشويه التاريخي الذي لحق بالمفاهيم والدلالات والمضامين، وبناء القناعات الفكرية والثقافية التي تمثل سياجاً يحمى المسلم من إتباع الأساطير المعاصرة.
أتطلع مثل غيري إلى أن يكون هذا المؤتمر العالمي الذي يشارك فيه علماء الأمة الإسلامية ومفكروها ومسئولو الشئون الإسلامية فيها أن يكون حدثاً مفصلياً في تاريخ مواجهتنا ومنازلتنا مع هذا الداء الفتاك، ليس على الصعيد العقدي الفكري فحسب بل في ميادين الحياة المتنوعة ولدى جميع الشرائح ومختلف الجنسيات، ذلك أن المسئولية تتعدى كونها مسئولية النخب من علماء ومفكرين وعسكريين وساسة لتدخل كل بيت ومسجد ومدرسة وحي وصحيفة وقناة ونادٍ و..
الخروج بإستراتيجية موحدة لمواجهة خوارج هذا العصر أمر مهم جداً، وهو ما ينشده العالم في هذا الوقت العصيب، لقاؤنا -بإذن الله- نهاية الأسبوع وقد انتهى المؤتمر وتفرق الجمع، والأمل يحدوني أن تكون الإجابات شافية وكافية وتحقق الوقاية والعلاج في آن. دمتم بخير وتقبلوا جميعاً صادق الود وإلى لقاء والسلام.