د. عبدالواحد الحميد
أثار المقال الذي كتبته في هذه الزاوية منذ أيام بعنوان «القضاء وتنفيذ الأحكام»، فيما يبدو، شجون بعض المواطنين الذي اكتووا بنيران التأخير الفادح في تنفيذ الأحكام في بعض الأحيان. وكنت قد رأيت أن تطوير وتنشيط محاكم التنفيذ يبعث الأمل في نفوس المتضررين من جرَّاء عدم تطبيق الأحكام القضائية أو التلكؤ في تطبيقها بشكل يُضيَّع المصالح، بل ويسيء إلى هيبة القضاء. وقد رأيت أن نجاح محاكم التنفيذ في إعادة أكثر من ستة وثلاثين مليار ريال لأصحابها بالقوة الجبرية خلال العام الماضي وحده هو أمر يبعث على التفاؤل وأنه خطوة كبيرة إلى الأمام في إصلاح مرفق القضاء.
جاءت بعد ذلك تعليقاتُ المغردين في تويتر على المقال كي تنبه إلى ما يحدث في الوقت الحاضر على الرغم من إنشاء محاكم التنفيذ. يقول أحد المغردين: «والله أننا نعاني أشد المعاناة من التنفيذ، خاصة في جدة، وبالأخص حين يكون خصمك محامٍ ضليع بالتحايل وله علاقاته». ويعلق أيضا قائلاً: «الخلل هو في ضعف قاضي التنفيذ نفسه، فهو يضعف القرارات والتعاميم بالإهمال والإبطاء بشكل يستفيد منه المتحايل».
ويعلق مغردٌ آخر قائلاً: «نتمنى أن تحقق محاكم التنفيذ الغاية المنشودة منها، لكن وضعها الإداري غير جيد: تأخر في المعاملات، وموظفون غير مؤهلين!». ويضيف:» تصور أنه بعد ستة أشهر من اللت والعجن، يُضيِّع مكتب القاضي المعاملة لنبدأ من جديد، ثم يتضح أنها حُوِّلت إلى الشرطة».
وتعليقاً على الإحصائية التي استشهدتُ بها، يعلق مغرد قائلاً:» نعم الوضع الآن أفضل نسبيا، لكن أتمنى حين نأتي بإحصائيات في الجانب الإيجابي ألا ننسى الجانب الآخر كي نكون منصفين». ثم يتساءل هذا المغرد عن القضايا المتأخرة قائلاً:» أتمنى أن نحصل على إحصائيات عن القضايا المتأخرة، وأسباب تأخرها، وكيفية معالجتها». ومن تجربته الشخصية يقول هذا المغرد:» حصلت على حكم بعد ثلاث سنوات، وسنة كي ينفذ الحكم، أكثر من نصفها لدى محكمة التنفيذ التي لديها آلاف القضايا المتأخرة».
تعليقات وتغريدات أخرى تحمل نفس المضامين، فهناك تفاؤل بإنشاء هذه المحاكم وهناك نتائج ملموسة لكن القضايا غير المنفذة لازالت متراكمة ولازالت محاكم التنفيذ بحاجة إلى التطوير سواء في الإمكانات البشرية أو الإمكانات اللوجستية المتنوعة.
أتمنى من الجهات العدلية ذات العلاقة أن تضاعف جهودها للارتقاء بمحاكم التنفيذ الوليدة كماً وكيفاً كي تصل إلى المستوى الذي يتطلع إليه المتضررون، وأن تقضي على الاختناقات وتراكم القضايا المتأخرة؛ فهذه المحاكم خطوة هائلة في الاتجاه الصحيح ولكن يجب تذليل كل التحديات التي تواجهها وتوفير جميع أسباب النجاح لها لكي تحقق الهدف من إنشائها.