م. برجس حمود البرجس
أوضحت مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات في تقريرها الأخير «مسح القوى العاملة» بالمملكة العربية السعودية في الدورة الثانية 1435 هـ 2014 م بأن عدد المشتغلين «غير سعوديين» 6.1 مليون عامل، وكان ذلك حاصل طرح عدد المشتغلين السعوديين في المملكة (جدول رقم 29) الذي ذكر أن عددهم 4.9 مليون، طرحه من عدد المشتغلين (سعوديين وغير سعوديين) جدول رقم 27 والذي ذكر أن عددهم في الجدول 11.1 مليون.
وهذا يتناقض كلياً مع تقرير وزارة العمل «الكتاب الإحصائي السنوي» لعام 1434/1435 هـ 2013 م، والذي ذكر في جدول رقم 50 بأن عدد المشتغلين (غير سعوديين) 8.2 مليون عامل، وهذا فقط للقطاع الخاص.
كلا التقريرين صدرا في نفس الفترة، والتناقض 2.1 مليون عامل (غير سعودي)، وأكثر من ذلك بما أن تقرير وزارة العمل لم يشمل القطاع العام، الذي أوضحت وزارة الخدمة المدنية بأن عدد المشتغلين (غير سعوديين) في القطاع العام الحكومي المدني 73 ألف موظف في تقريرها الشهري لشهر صفر لعام 1436 هـ.
أي أن اختلاف الأرقام على 2.2 مليون عامل ضائع بين التقارير.
ومن ناحية أخرى، هناك 1.4 موظف سعودي (مشتغلون) مسجلين في تقارير البطالة والقوى العاملة جميعها، حيث إن التقارير المذكورة ذكرت أن عدد المشتغلين السعوديين 4.9 مليون شخص، وتقارير رسمية أخرى توضح أن العدد لا يتعدى 3.5 مليون شخص (منهم 1.2 مليون في القطاع الحكومي المدني، و800 ألف تقريباً في القطاع العسكري، و1.5 مليون شخص في القطاع الخاص)، ولم توضح وزارة العمل ولا مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات ولا وزارة التخطيط والاقتصاد حقائق هؤلاء الـ1.4 موظف مجهولو التعريف. هذا يرفع معدل البطالة كثيراً قبل التحدث عن البطالة المهّمشة.
طبعاً جميع هذه التقارير لا تذكر «السعودة الوهمية» ولكن تحسبها لصالحها في تجميل أرقام البطالة، فلو تم عدم الاعتراف بهم ضمن المشتغلين، فالبطالة سترتفع كثيراً، وأيضا التقارير تخفي «البطالة المهّمشة» وهي شريحة من المواطنين لم يصنفوا حتى «بطالة داخل سوق العمل»، بل تم تصنيفهم «خارج سوق العمل»، أي ليسوا حتى ببطالة.
وفي الاتجاه المعاكس وفي نفس تقرير وزارة العمل، زاد عدد المشتغلين الأجانب بـ860 ألفا بين عامي 2012 و 2013، وهذا ما رفع مجموع أجور العمالة الأجنبية في القطاع الخاص بـ40%، وارتفاع متوسط أجر العامل بـ25%، بينما انخفض متوسط أجر السعودي بـ1% حيث وصل إلى 4800 ريال شهريا. هذا المتوسط يعني لكل سعودي يعمل في القطاع الخاص براتب 10 آلاف يقابله 3 أشخاص براتب 3 آلاف، وهكذا، فالزيادة في السعودة الحقيقية والوهمية هي في الوظائف المتدنية، فخلال 24 شهرا وبعد التحسينات انخفض متوسط راتب السعودي في القطاع الخاص بـ11%.
ضاق الخناق حلول مشكلة البطالة وهذه الخلافات بوارد لانهيار سوق العمل السعودي الذي يعمل به بين 11 إلى 13 مليون شخص وما زلنا نستورد جميع مستلزماتنا من أجهزة وإلكترونيات ومعدات ومركبات وغيرها، وهذا هو التعريف الحقيقي للبطالة وعدم خلق الفرص الوظيفية.
عوامل التنافس مع الدول المتقدمة تشمل البناء الحقيقي للأعمال، أما الأعمال التي نقوم بها لمعالجة البطالة فهي لا تخدم الاقتصاد وتسبب مشاكل تنافسية، فصادرات كوريا الجنوبية السنوية للإلكترونيات بقيمة 137 مليار دولار، كانت تعادل نصف قيمة صادرات المملكة النفطية العام الماضي، أما هذه السنة وبعد انخفاض أسعار النفط، أصبحت قيمة الصادرات الإلكترونية الكورية تعادل الصادرات النفطية السعودية، ولم يكن هناك تغيير يذكر في الكميات في كلا الحالتين. هكذا هو الاقتصاد غير متنوع مصادر الدخل والذي لم ينظر لمواطنيه ككوادر بشرية بإمكانها تطوير البلد.