غسان محمد علوان
ما زال الإصرار على إبقاء بطولة أولمبية لفرقنا السعودية يثير العديد من التساؤلات المنطقية في ظل المعارضة الفنية الكبيرة التي تجدها المسابقة من أصحاب الاختصاص الفني. فالبطولة للفئة الأولمبية تُلزم النادي بتخصيص فريق كامل من اللاعبين بأجهزتهم الفنية والإدارية ومصاريفهم المختلفة الباهظة، لمجرد المنافسة عليها.
والمحزن في الأمر أن هؤلاء اللاعبين قد تواجدوا في الفريق الولمبي لسببين لا ثالث لهما:
أولهما: أنهم أكبر عمراً من فئة الشباب.
وثانيهما: أنهم لم يجدوا لهم مكاناً في خارطة الفريق الأول، وليس المستوى الفني هو السبب الرئيس لذلك.
ونتيجة لتلك (الفجوة السوداء)، يظل اللاعبون يتشرّبون الإحباط موسماً تلو الآخر بلا طائل. فلا هم يشاركون في المنافسات الحقيقية التي تصقل مواهبهم، ولا هم يندرجون تحت الفئات السنية التي ترتكز على صياغة مهاراتهم التكنيكية بشكل أكبر.
وبعد أن يمضي ذلك اللاعب فترة عقوبته (الفئوية)، يتفاجأ النادي بضرورة التصرف تجاه هذا العبء الذي يقتضي التعامل معه فوراً إما بالتصعيد الإجباري أو بالمخالصة أو بالإعارة في عمرٍ تعدى مرحلة الصقل، وفي وقت لم يتمكن خلاله من إثبات نفسه.
يجب إعادة النظر في هذه المسابقة ككل، ومن الصالح العام إلغاؤها تماماً، لتوفير المصاريف وتسريع فترة التصعيد للمواهب بدلاً من ركنها على رف الأولمبي الكئيب.
ينبغي على اتحاد الكرة أن يرفع عدد لاعبي الفريق الأول بإضافة خمس أو ست خانات إضافية على الأقل، لتستوعب التصعيد المباشر من فريق الشباب في النادي لضمان الاحتكاك الحقيقي مع النجوم والمحترفين، ولتوزيع المواهب غير المستفاد منها على أندية أخرى تقدم لها فرصة المشاركة وفرصة تقديم نفسها في عمر العنفوان الكروي الحقيقي.
أتعجب دوماً من استمرار بعض القناعات رغم معارضة أهل الاختصاص. فإن كان الفنيون يرفضونها، فمن الذي قام بتثبيتها؟
هلال التخصص
أصدرت إدارة نادي الهلال تحت رئاسة الأستاذ محمد الحميداني (الرئيس المكلّف) قرارين عمليين بتعيين الأسطورة يوسف الثنيان مستشاراً فنياً للفريق، والأستاذ طارق التويجري كمستشار إداري للنادي. مثل هذه التعيينات، ومثل هذه القرارات، هي خطوات حقيقة تجاه صياغة المنشأة الكاملة الزاخرة بالمتخصصين كلاً في مجاله. لا يكفي الحماس لتحقيق الأهداف، ولا تكفي الرغبة الصادقة بالوصول للمنشود، فلم يخلق الله الإنسان الكامل القادر على تسيير أمور منشأة كاملة بمجهودات شخصية، أو نظرة أحادية وإن كان مصدرها العشق.
ذلك الطريق الذي اختارته الإدارة الحالية، يجب أن يستمر مع كل الإدارات اللاحقة، وفي كل أندية الوطن.
فالتخصص هو أقصر طرق النجاح لمن ينشده حقاً، بعيداً عن محاولة حصد مكتسبات شخصية.
خاتمة...
دونَ الحلاوة في الزمانِ مرارةٌ … لا تُختطى إِلا على أهوالهِ
(المتنبي)