د. خيرية السقاف
في رد المملكة على دولة النرويج حول نزاهة القضاء الشرعي في المملكة جاء صوت الوطن جلياً جهوراً لا تلكأ فيه, لا مواربة، ولا تورية, فحقوق الإنسان أصبحت «الشماعة» التي تعلق عليها الأبواق من كل صوب أصواتَها, والبوابة التي تنفذ منها كل النوايا باختلاف غاياتها, والتي تهدف تحديداً التدخل في المنهج التطبيقي لشرائع الإسلام الذي يقوم عليه نظام هذه البلاد, وتحرص على ما يقتضي به، ويقره من أحكام, وتنفذ حدوده دون أن تأخذها في الحق لومة لائم، بعدالة المساواة، وأمانة القضاء.., مؤدية رسالتها فوق الأرض التي نزل فيها الوحي، ونشأت فوق ثراها الدعوة, ودولة الإسلام لكافة البشر...
جاء رد المملكة حاسماً صارماً, يلجم المد المتنامي، والمتوالي للتدخل باسم حقوق الإنسان في قضايا داخلية هي لا تخص أحداً غير «أهل» هذا البلد بعقيدتهم وشرائع دينهم من رأسه لقاعدته, ومن مبتدأ أسواره, إلى منتهى حدوده..
فالقضاء الداخلي يقوم على شريعة الإسلام في صغير قضاياه، وكبيرها من التعزير للحد, ومن المناصحة للعقاب.., وشأن تطبيقه، أو ما يتعلق به لا يخص غيرهم.., تلك مسؤوليتهم أمام الخالق رب الأديان والخلق كلهم.
فكل من فيه راع، ورعية، ودولة، ونظام، وحق, وعدل, لا يغادر ما جاء في كتاب الله تعالى, ولا يتجاوز ما في سنة نبيه عليه الصلاة, والسلام، شعار القضاء, ما أمر الله يتبع، وما نهى عنه يمتنع.., «فمن يرتضي غير الإسلام دينا» أي نظام حياة «فلن يقبل منه».., وهذا الذي حمله رد المملكة بما جاء فيه: «حرصها على المعاهدات والمواثيق الدولية........ دون المساس بقضائها النزيه، والمستقل...»،..
لذا فإنها ترفض بشدة أي تدخل في شأنها الداخلي من أي طرف.., هو ذا صوت الوطن، في كل شأن وطني فكيف إن مس أساسها الأول، والمكين، والمتين قضاءها «القائم بتنفيذ شرع الله نظاماً وتطبيقاً..؟.
فلا تعدياً يقبل, ولا تجاوزاً يبرر باسم حقوق الإنسان..!.
فالإسلام ضمن الحقوق بأدق, وأتم ما تضمنته مواثيق دول تنتهك الحقوق في وضح النهار, وتدعي العدالة، وتشيع في الوقت ذاته التميز بين الشعوب، بل الأحزاب, والملل, والأفراد.., وتأخذ بيد الظالم, وتتغافل عنه، وتصد أذنيها، وعينيها عن المضطهدين على الأرض, وترعى الحيوان, وتفتك بالإنسان،..
فالإسلام دين ودنيا, فيه من الثوابت عقيدته, ومن الحياة مسايرته, وتوافقاته, ومن سلام الأرض، وسلم البشر غاياته، وسبله، ومقارباته, ومسالكه..
فلا فض فوك يا وطن...
هذا صوتك..
وهذا كنف الرحمن يرعاك ويحفظك، ويعزك ما حرصت على شريعة الله، واستقلالية مهد الرسالة المحمدية في الحياة الدنيا فوق الأرض بوسطيتها المرنة, ورحابتها المستطابة.