ناهد باشطح
فاصلة:
((يبقى لدى كل شخص قوة كافية للقيام بما هو مقتنع به))
- حكمة ألمانية -
منذ سنوات لم تعد الأفلام الحزينة تستهويني، وتأكدت أن الدراما التي تعرضها المسلسلات العربية لا تبالغ في تصوير واقعنا الاجتماعي فقط، بل إنها تعزز قناعاتنا تجاه ضرورة الحزن في حياتنا. ربما لذلك أعجبتني الدراسة الأمريكية الحديثة التي نشرت خبراً عنها جريدة الشرق الأوسط في عددها ليوم الجمعة الماضي 6-3-2015
الدراسة التي أجريت بجامعة كورنيل الأمريكية وصلت الى نتيجة مفادها أن مشاهدة الأفلام الحزينة تؤدي إلى السمنة وزيادة الوزن بشكل ملحوظ.
«حيث إن نسبة تناول الأشخاص للطعام، خصوصاً الفشار، تتضاعف بنسبة تتراوح ما بين 28 - 55 في المائة، أثناء مشاهدة هذه النوعية من الأفلام مقارنة بالأفلام السعيدة.
وأكدت الدراسة أن الأفلام الحزينة تدفع الناس للتأثر الشديد ولا تركز في كم الطعام الذي تتناوله، مما يؤدي إلى تناول المزيد من الطعام الذي يبتعد كل البعد عن الطعام الصحي».
هذا يعني أن تأثير الأفلام والمسلسلات الحزينة تجاوز المشاعر والأفكار والقناعات إلى التأثر الفسيولوجي وهي ليست نتيجة مفاجئة إلا للذين ما زالوا غير مؤمنين بتأثير الأفكار على جسم وعقل الإنسان.
وبالطبع مع وسائل الإعلام الاجتماعي التي صار البعض يتفنن في اجتزاء أو إعداد مقاطع حديثة ومؤثرة أصبح التأثير أكبر وأعمق.
الأفلام والمسلسلات الحزينة جزء من وجداننا بدليل أن موقفاً بسيطاً قد يمر بك إثر خلاف أو حتى نقاش حاد مع صديق يمكنه أن يعكر مزاجك ويدخلك في دائرة دراما لا تستطيع الخروج منها إلا بالوعي الذي لا يمكنه أن يدخلك فيها، إذ إن وعيك يستطيع أن يحلل الموقف المزعج دون ربطه بالمؤثرات العاطفية المتولدة عن قناعاتك وبرمجتك القديمة تجاه علاقتك بنفسك والآخرين.
وهذا يذكرني بسراديب العزاء لدينا إذا ما بكينا فيها حتى لو لم نكن على علاقة بالميت، إنما أفكارنا في تلك اللحظة هي التي تجعلنا نتأثر وربما نبكي.
قد تكون أفكار عن حتمية الموت أو استدعاء لذكريات أليمة لكنها أبداً لا تمت للإنسان الذي انتقل إلى رحمة الله.
عجيبون نحن كيف تبرمجنا على التعاطي مع الأحزان ولم نتعلم التعاطي مع الفرح دون خوف حتى أننا إذا ضحكنا استعذنا من الشيطان خوفاً مما يعقب الضحك من أحداث.
الحزن كما الفرح موجودان في حياتنا وخيارك أن تركز على أي منهما حتى تمتلئ حياتك باحداثه فإن اخترت الحزن فلا بأس أن تشاهد الأفلام والمسلسلات الحزينة كمزود مثالي لتكثيف الدراما في حياتك.