إبراهيم بن سعد الماجد
يقول المفكر والسياسي الإنجليزي جون لوك عن الحرية: (هي التحرك ضمن القوانين الطبيعية وإمكانية اتخاذ القرارات الشخصية والقرارات بشأن الملكية الخاصة دون قيود).
أوردت هذا التعريف الغربي في مقدمة هذه المقالة من أجل أن أصل لعقول بعض الذين يرون أن الغرب صاحب حرية مطلقة، وأن لا وجود لأي قانون يمنع الحرية، وهذا بالطبع خلاف الواقع تماماً، حيث لا حرية مطلقة،
فكما يقول جون لوك إن الحرية هي التحرك ضمن القوانين، أي أن هناك قوانين تضبط هذه الحرية.
سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - له مقولة مشهورة يتخذها بعض المنادين بالحرية المطلقة دليلاً وهي قوله: (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا). وهذه المقولة في حقيقتها لا تعني الحرية المجتمعية، وإنما تعني الحرية الفردية بصفته الإِنسانية، وتحديداً في مسألة كرامة الإِنسان، ولا تعني ترك الناس هكذا دون ضبط ولا ربط في كافة شؤونهم، وإلا لما كان فيه حاجة لسن أنظمة الشرطة التي أقرها الإسلام منذ ما يقارب قرنا ونصف القرن.
وإن من الأهمية بمكان أن يعتقد الناس أن حق التشريع لله وحده لا يملكه ولا شيئًا منه أحد غيره. قال تعالى: {إِنِ الحُكْمُ إِلاَّ للهِ أمر أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ}، لا ما يحيلنا إليه المطالبون بالحرية الآثمة الخارجة عن الحرية الحقة في بنود ثلاثة لحقوق الإِنسان والتي جاءت في:
1 - لكل شخص حق التمتُّع بحرية الرأي والتَّعبير.
2 - يشمل هذا الحق حُريته في اعتناق الآراء، دون مُضايقة أو تدخُّل.
3 - له الحق في التِماس الأنباء والأفكار، وتلقّيها ونقْلها إلى الآخرين بأيَّة وسيلة، ودونما اعتبار للحدود.
فهل هذه البنود تتفق ومعتقد المسلم الذي يؤمن بأن {إِنِ الحُكْمُ إِلاَّ للهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ}، لا أعتقد أن مسلماً يؤمن بهذه الحرية المنفلتة التي لا تقر بولاية لحاكم ولا انصياعاً لنص ديني.
ومن المفارقات العجيبة عند المنادين بالحرية الإعلامية المطلقة أن تكون حرية فيما يعتقدون هم فقط، لكن عندما يقول طرف مخالف قولاً يخالفهم في الرأي فإنهم سريعاً ما يطالبون بالحجر عليه ومنعه!! أي حرية هذه؟!
في ندوة أمنية قال أحد الزملاء الصحفيين مخاطباً مسؤولاً أمنياً ألا حرية في صحافتنا، وقد استهجن كلامه هذا أكثر الحاضرين، لكنني عرفت ماذا يعني بالحرية، إنه يعني الانفلات الفكري والصحفي، هذا الانفلات الذي يقود إلى الفوضى وضياع الأمن الوطني، قصد أو لم يقصد.
إن الحرية المطلوبة أن أقول ما أريد فيما يخدم ديني ووطني لا ما يمس معتقدي وأمن بلادي، فثوابت الدين خط أحمر لا يجوز أن يُمس باسم الحرية، وهذا الخط هو الذي ينادي بعض دعاة الحرية إلى تحطيمه كونه يحد من حرية الإِنسان كما يزعمون!!
كما أن ثوابت الوطن كأمنه وكرامة قادته وعلمائه وإنزالهم المنزلة اللائقة بهم خط أحمر لا يجوز المساس به.
لقد أوجب الله علينا ثلاثة حقوق:
- حق له سبحانه وتعالى.
- وحق للناس.
- وحق لنفس الإِنسان، فأي حرية تمس أياً من هذه الحقوق الثلاثة فهي باطلة، وما أرى دعاوى دعاة الحرية إلا مسقطة لهذه الثلاثة.
في بلادنا المملكة العربية السعودية أشعر أن حرية الرأي مكفولة للجميع دون استثناء، وأكبر دليل على ما أقول أن أي مواطن يستطيع أن يقف أمام الملك أو ولي عهده أو أي من حكام المناطق ويقول ما يريد منتقداً أو متظلماً ولا أحد يتدخل لمنعه أو إسكاته، فهل بعد هذا من حرية؟