إبراهيم بن سعد الماجد
الأمن هو كل شيء في حياة الإنسان، فلا حياة بدون أمن، بل ولا عبادة لله سبحانه وتعالى دون وجود أمن يمنح الإنسان الطمأنينة والوقت لأداء شعائر دينه.
بدعوة كريمة من أكاديمية نايف للأمن الوطني حضرت ندوة (الأمن والإعلام) والتي تهدف إلى ترسيخ المشاركة بين المؤسستين الأمنية والإعلامية، هذه المشاركة الحتمية التي لا يمكن لطرف دون آخر أن يعمل وينجز وينجح دون الطرف الآخر.
أمن الوطن مسؤولية الجميع لا شك في ذلك، ولكن الإشكال الذي يحصل الآن أن بعض وسائل الإعلام وبحسن نية تساهم أحياناً في خلق ما يمكن أن نسميه زعزعة أمنية، من خلال بعض الأطروحات التي توجد بعض البلبلة في أوساط الناس، بل وربما توجد الفرقة.
القائمون على الندوة اختاروا نخبة من المتحدثين منهم على سبيل المثال الأستاذ خالد المالك رئيس تحرير صحيفة الجزيرة واللواء الدكتور منصور التركي المتحدث الأمني لوزارة الداخلية والدكتور أحمد الجميعة نائب رئيس تحرير جريدة الرياض والدكتور رياض نجم رئيس هيئة الإعلام المرئي والمسموع وعدد من الأسماء الفاعلة والمتخصصة في الشأن الأمني والإعلامي، في محاولة للمزج بين المؤسستين لتحقيق الهدف المنشود، ألا وهو أمن الوطن واستقراره.
هذه البادرة من هذه المؤسسة الأمنية الهامة تسجل لهم بمداد من الفخر والإعزاز، وتجعلنا نقول للمؤسسات الوطنية الأخرى سواء في الشأن الأمني أو غيره من شؤون الحياة إن مشاركة الإعلام لكم ضرورية من أجل مصلحة الوطن الذي لا شك أنكم تسعون لخدمته.
الإعلام صار جزءا من حياة الإنسان منذ أن يفتح عينيه على الحياة، فما مقاطع اليوتوب ومواقع التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية وما تقدمه من خدمات تواصلية إلا إعلام متقدم وجديد يخاطب الإنسان منذ طفولته، متوغلاً في حياته أينما وحيثما كان.
مشكلة بعض مؤسساتنا الوطنية أنها لا زالت ترى أن الإعلام هو فقط ذلك الصحفي الذي يتلقى أخبار هذه المؤسسات ويبثها عبر وسيلته! وهذا قصور في الفهم كبير، فالإعلام عالم واسع وهو سلطة قوية تؤثر في القرارات والمجتمعات بشكل كبير وواضح.
الحرية التي يطالب بها بعض الإعلاميين ويرى أنها ضرورية لتؤدي المؤسسة الإعلامية دورها بكل اقتدار هي في الحقيقة حرية من وجهة نظري عبثية تساهم بشكل كبير في زعزعة الأمن لا استقراره، فحرية الكلمة مثلاً الممنوحة للإنسان في القرآن قُيدت بـ {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} الإسراء آية 36.
والإعلامي دوماً يريد أن يكون ما ينشر موضع إثارة والمؤسسة الأمنية ترى أن ذلك مما يسبب في كثير من الأحيان البلبلة، تلك البلبلة التي قد تحدث زعزعة أمنية بشكل أو بآخر ولهم كامل الحق في ذلك.
الثقافة و السياسة والرياضة والرأي تحمل في طياتها جوانب أمنية إن لم تراع سببت إشكالاً ربما يؤول إلى مشكلة أمنية منظورة أو غير منظورة، فمثلاً طرح بعض المواضيع الثقافية التي تصطدم مع ثوابت الدين وأخلاقيات المجتمع تتسبب في تصادم يؤدي إلى إشكال أمني بشكل أو بآخر، مثله كذلك التعصب الرياضي الذي تموج به بعض وسائل الإعلام، كذلك التعصب القبلي الذي تتبناه بعض القنوات الشعبية في بعض برامجها.
ولعل التكامل المطلوب بين المؤسستين الأمنية والإعلامية يقوى بالتواصل الدائم في مثل هذه الندوة الموفقة التي دار فيها من الحوار والنقاش ما أحسب أنه كسر الكثير من الحواجز وأعطى الكثير من التواصل.
تحية وتقدير للزملاء الأمنيين في أكاديمية نايف للأمن الوطني على هذه الندوة، وعلى دقة التنظيم.