جاسر عبد العزيز الجاسر
مثلما أكدت أمس بأن خطاب الملك سلمان بن عبدالعزيز حمل رؤية شمولية وبأنه وثيقة تاريخية مكتملة الأركان بعثت برسائل اطمئنان للمواطن فيما يتعلق بشؤونه الداخلية والخارجية وترسخ مشاركة المواطن في برامج تنمية الوطن والإنسان.
ولأن الملك يستهدف إشراك المواطن في عملية البناء والتنمية ولهذا فقد شدد - حفظه الله - على العمل على إيصال المعلومة وإتاحة المجال لإيصال رأيه والمشاركة في التعبير عن مواقف المواطنين، ولذلك فقد ذكر المليك وهو اللصيق جداً بالإعلام والإعلاميين أن للإعلام دورا كبيرا في دعم الجهود وإتاحة فرصة التعبير عن الرأي وإيصال الحقائق وعدم إثارة ما يدعو إلى الفرقة والتناحر، ومواجهة الفرقة والتصدي للاختلاف ودواعي الفرقة والقضاء على محاولات تصنيف المجتمع لأضراره الواضحة على الوحدة الوطنية التي يجب أن تكون في أولى مهام المواطنين الذين أظهروا استشعاراً كبيراً للمسؤولية والتعاون مع الدولة لإفشال مخططات الحاقدين والذين يستهدفون المملكة، ولذلك نجحت قيادة المملكة في مواجهة الإرهاب من خلال التصدي للتطرف بجميع صوره وأشكاله أياً كانت مصادره لاجتثاث جذور الإرهاب ومسبباته.
وهكذا كشفت كلمة خادم الحرمين الشريفين بأنها تحمل تصوراً لما يجب أن يكون عليه مستقبل المملكة، إذ تضمنت خطوطاً واضحة وعريضة، ففي مجال الأمن أوضح - رعاه الله - بأن أمن المملكة مسؤولية جميع أبنائها إذ لا يستحق إنسان أن يعيش في وطن لا يحسن الدفاع عنه وتأمين أمنه والذي لم ولن نسمح جميعاً بالعبث به، والمواطن يجب أن يكون رديفاً لرجال القوات العسكرية من أبناء القطاعات العسكرية ورجال الأمن، وقد خصهم المليك بلغة كريمة بقوله: (لابنائي البواسل في قواتنا العسكرية كافة أقول: كل فرد منكم قريب مني، والوطن يقدر جهدكم، ونحن بصدد تعزيز قدراتكم).
الاهتمام بتعزيز الأمن وتحصين الوطن وبرجال القوات العسكرية ورجال الأمن لم يكن وحده الذي ميز كلمة المليك إذ إن الاهتمام بتنويع مصادر الدخل وتنمية اقتصاديات البلد والعمل على إيجاد فرص عمل للمواطنين، وبالذات الشباب والشابات، وقد لفت المليك أنظار رجال الأعمال الذين خصهم بحديث مباشر بقوله: (أنتم شركاء في التنمية وجزء من نسيج الوطن الذي قدم لكم الكثير وينتظر منكم كذلك الكثير).
وهذا التوجيه لا يأتي من فراغ فقد وضعت العديد من الخطط لتنويع اقتصاد المملكة وفتح منافذ عديدة لرجال الأعمال للمشاركة في عملية التنمية، ورغم انخفاض أسعار البترول إلا أن السياسة المالية والاقتصادية للمملكة تنبهت منذ وقت مبكر ولهذا جاءت التأثيرات السلبية محدودة، وبإنشاء مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية الذي ينظم آليات تفعيل الاقتصاد وتسريع عمليات التنمية في جميع ربوع المملكة وفق تكامل لتخطيط شملته خطط التنمية المعلنة والتي سترفد بالعديد من الأفكار والمبادرات من خلال هذا المجلس.
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وهو يتحدث برؤية شمولية لم يغفل مكانة المملكة الدولية التي تعد واحدة من أهم الدول المحورية في المنطقة وإحدى الدول المؤثرة في العالم، فبالإضافة إلى عضويتها في جميع المنظمات والهيئات الدولية، تعد واحدة من الدول النامية المتقدمة، وهو ما أهلها إلى عضوية مجموعة العشرين التي تضم أهم عشرين دولة في العالم، وقد تميزت سياسة المملكة الخارجية بالالتزام بالمواثيق الدولية وفي مقدمتها احترام مبدأ السيادة ورفض أي محاولة للتدخل في شؤوننا الداخلية والعمل بفعالية لتحقيق الأمن والاستقرار في العالم والالتزام بنهج الحوار ورفض استخدام القوة والعنف.