محمد سليمان العنقري
بات لافتًا ما تقوم به الهيئة العامة للاستثمار من تصحيح لوضع تراخيص الاستثمار عبر مراجعة أوضاع الرخص الممنوحة سابقًا ومن خلال النظام الجديد للاستثمار الأجنبي، فقد بلغ عدد الرخص حوالي 13 ألفًا وتبين أن جزءًا لا يستهان به منها لا يتماشى مع تطلعات وتوجُّهات
الاقتصاد المحلي بحسب ما أعلن من إجراءات وما اتضح من تصريحات مسؤولي الهيئة وما تبين واقعيًا بأن بعض الرخص إما لأنشطة غير مفيدة للاقتصاد أو باكتشاف مخالفات صريحة لاشتراطات الاستثمار الأجنبي فيها مما أدى للقيام بمراجعة لها وتم اكتشاف بواطن الخلل بالتزاماتها مما يعطي الحق للهيئة بمخالفاتها أو شطب ترخيصها
فقبل أيام صرح مدير الاستثمار الأجنبي بغرفة جدة أن النظام الجديد لهيئة الاستثمار وما تزامن معه من حملات تفتيشية ومراجعة دقيقة كشف عن وجود 5 آلاف ترخيص يوجد بها مخالفات لاشتراطات الاستثمار الأجنبي فيما قال مدير التراخيص بالهيئة إن النظام الجديد لن يمنح الفرد الأجنبي ترخيصًا للاستثمار وسيقتصر الترخيص على الشركات بمعايير عديدة بعضها يشترط وجود مستثمر سعودي لا تقل حصته عن 25 بالمائة إلا أن جميع الاستثمارات ستخضع لأنظمة الجهات المشتركة بتنظيم الاستثمار الأجنبي حسب اختصاصها كوزارة العمل والتجارة والتأمينات الاجتماعية مما يوضح جليًا أن مرحلة جديدة بدأت تتضح معالمها أكثر في تحولات لن تبقي إلا الاستثمارات الملتزمة بالمعايير الجديدة ولن يستقطب للسوق المحلي إلا من سيضيف قيمة للناتج المحلي، فتغيير الأنظمة وتطويرها وفقًا لمصالح الدولة حق سيادي وكما يتم إصلاح وتطوير أنظمة تخص المستثمر المحلي بما ينعكس بالفائدة العامة على الجميع فإن تطوير لوائح وأنظمة الاستثمار الأجنبي حق وضرورة بما يسمح بتعزيز قدرات الاقتصاد الوطني ويلغي السلبيات التي تظهر بين فترة وأخرى وبما يتفق مع متطلبات منظمة التجارة العالمية وهو ما يظهر تمامًا بأن هيئة الاستثمار تراعيه خصوصًا أن من ألغيت تراخيصهم تبين أنهم قاموا بمخالفات صريحة كالتأخر ببدء النشاط أو عدم تجديد الترخيص سنويًا أو عدم الالتزام بمتطلبات التوطين وغيرها من المخالفات التي توجب إيقاع العقوبة المناسبة إلى حد الإلغاء فالمرحلة التي اعتراها خلل بضوابط الترخيص سابقًا تبدلت الحال فيها منذ أكثر من عامين بعد أن انتهت الهيئة من كشف واقع هذه الرخص واتضح لها حجم مخالفاتها بالتوازي مع النظر لتطوير مستقبل الاستثمار محليًا ونوعيته ومساعدة المستثمرين الأجانب الجادين ومن التزم منهم بأي تحديث للأنظمة بما يعزز من شراكتهم ودورهم بالاقتصاد الوطني وتحسين البيئة الجاذبة والمنافسة عمليًا لاستقطاب المستثمر الأجنبي
فالمملكة تعد من الدول التي تمتلك فرصاً واعدة للاستثمار عمومًا فحجم الواردات بلغ 651 مليار ريال العام الماضي 2014 م مما يشير إلى فرص كبيرة للإنتاج محليًا عبر تدفق استثمارات محلية وأجنبية حيث إن الإنفاق الحكومي ضخم ومستمر رغم تراجع أسعار النفط كون أن الاحتياطيات للدولة بلغت 2.8 تريليون ريال أي ما يعادل حجم الناتج الوطني للعام الماضي والدين العام يبلغ 44 مليار ريال أي قرابة 1.5 بالمائة قياسًا بالناتج الوطني مما يعد من أقل النسب عالميًا بخلاف حجم المعروض النقدي الذي يتجاوز 1.6 تريليون ريال مما يعطي صورة عامة حول التوجُّهات الإيجابية للاقتصاد ونسبة مخاطرة منخفضة للاستثمار محليًا فالطاقة الاستيعابية مازالت أقل من المتوقع ويدلل على ذلك حجم الواردات الضخم المدعوم بزخم اقتصادي إيجابي من خلال استمرار الإنفاق الحكومي الاستثماري يواكبه فرص كبيرة للقطاع الخاص على كافة الأنشطة التجاريَّة وقطاعاتها فالتحولات الجديدة التي شهدها الاقتصاد المحلي تنظيميًا عبر اختزال المجالس المرتبطة بالتنمية بمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية يوضح أن الاتجاه القادم سيكون أكثر تنسيقًا وتكاملاً بين الأجهزة الرسمية المعنية بالشأن الاقتصادي والتنموي مما يفترض أنه سيعجل بتسريع عجلة التنمية التي سترتكز على أسس عديدة من أهمها زيادة الطاقة الاستيعابية بالاقتصاد عبر التوسع بالبنى التحتية وتطوير الأنظمة لجذب الاستثمارات التي يحتاجها الاقتصاد لتحقيق تنمية متوازنة ومتكاملة ومن بينها الاستثمارات الأجنبية النوعية التي يحتاجها اقتصادنا لتضيف قيمة له وتتحقق لها المنفعة من خلال المقوِّمات الجاذبة لأيِّ استثمار مما يتطلب تطويرًا مستمرًا باللوائح التنظيمية وأدورًا تكاملية بين مختلف الجهات الرسمية لتعزيز الشراكة مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي.
الاستثمار بالاقتصاد الوطني يمتلك مقوِّمات النجاح الأساسية ويبقى للدور التنظيمي العامل المحرك لتعزيز استقطاب الباحثين عن الفرص بما يحقِّق الفائدة المطلوبة لكل الأطراف ودور الهيئة العامة للاستثمار محوري بتنظيم وتسويق الفرص محليًا وعالميًا عبر إجراءات تواكب أوضاع الاقتصاد العالمي والتنافسية الصحية بما يكفل تدفق استثمارات أجنبية ذات جدوى ومنفعة تسهم بالتنمية المستدامة وتنويع مصادر الدخل.