د. محمد عبدالله الخازم
هذه قصاصة خبر نُشر في 22 يناير 2015م في أكثر من صحيفة. يبدأ الخبر بالجملة «طالب وكيل جامعة الملك سعود للدراسات العليا والبحث العلمي الدكتور أحمد العامري بإيجاد جهة عليا كهيئة أو وزارة خاصة تتولى الإشراف على البحث العلمي مع تخصيص الدعم المادي الكافي، لتوحد الجهود.. لافتاً أن ذلك يحدث نقلة نوعية هائلة في جميع المجالات بالمملكة».
وقال: «وجود جهة للبحث العلمي يسهم في توحيد الجهود وتوجيهها نحو هدف وطني يساعد على تطوير خطط التنمية بالمملكة، فالبحث العلمي ليس ترفاً، ولكنه يصب في خدمة المجتمع والاقتصاد».
الرسالة الأولى هنا عدم رضا جامعة الملك سعود عن ما تقدمه مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية كجهة وطنية مسؤولة عن الإشراف على البحث العلمي ودعمه، بدليل مطالبته بهيئة عليا. توقعت بأن سعادته نسي وجود المدينة البحثية وأهدافها المختلفة، لكنه في جزء آخر من التصريح أشار إلى الخطة الوطنية للعلوم والتقنية، وهي التي تديرها مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وتوفر الدعم الأكبر للبحث العلمي بجامعة الملك سعود يقدر بـ 300 مليون ريال.
وفي جزء آخر أشار بأن حجم موارد البحث العلمي من «ميزانية الجامعة الرسمية يقدر بحوالي 80 مليون ريال». ميزانية جامعة الملك سعود للعام الماضي كانت حوالي تسعة مليار ريال، وهذا يعني أن المرصود للبحث العلمي لم يتجاوز الواحد في العشرة من الميزانية. أين تذهب الميزانية الضخمة؟ لست أدري هل هذا وضع خاص بجامعة الملك سعود يدل على مشكلة إدارية خاصة بها أم أنها عامة وتنطبق على بقية الجامعات. الرسالة الثانية هنا هي وجود خلل كبير في ميزانية الجامعة. كيف تعد، وكيف تعتمد الميزانية، وكيف تخصص بنودها؟
أسئلة تحتاج إلى مراجعة، وقد كتبت أكثر من مرة بأن النظام المالي للجامعات غير مناسب، وتحدثت عن بعض البدائل، بل إن هذا الموضوع هو دافع تحليلي لخطاب وكيل جامعة الملك سعود. الغريب أن هذه الجامعات التي يتذمر بعض مسؤوليها من النظام المالي لم تقدم أية مبادرة علمية وعملية لإصلاح النظام المالي للجامعة. مما يجعلني أطالب سعادة الوكيل وأمثالة من المسؤولين بالجامعات بأن يوجه البحث العلمي لحل مشكلاتهم أولاً، حتى نثق ببحوثهم لحل مشكلات الآخرين. هذه الرسالة ليست مجرد استنتاج، فقد أضاف سعادة الوكيل بقوله «ما زلنا كجامعة مؤسسة حكومية، مرتطبة بأنظمة مالية، والمشرع المالي يحد من أنظمة الصرف بطريقة معينة والجامعة تلتزم بها».
ليس الأمر كذلك فقط، بل أستغربت قول سعادة الوكيل «وللأسف قد تتأخر المبالغ المالية لسنوات». يبدو أن مدينة الملك عبدالعزيز ليست الوحيدة المزعجة لجامعة الملك سعود، بل كذلك وزارة المالية التي تأخر مستحقاتهم لسنوات! السؤال هو لماذا تتأخر المبالغ؟ أهو نقص في الأموال أم خلل في الإجراءات؟ أهو تأخير تتحمله وزارة المالية أم جامعة الملك سعود لعدم وفائها بمبررات الصرف في وقتها؟ إذا كان هذا وضع أول وأكبر جامعة في حجم الموارد المالية، فكيف هو وضع الجامعات الأخرى؟
طبعاً خطة «آفاق» للتعليم العالي وخطة جامعة الملك سعود الإستراتيجية وغيرهما من خطط الجامعات لم تهتم بإصلاح النظام المالي للجامعات بشكل معمق وبقضية الكفاءة الاقتصادية للجامعة.
إصلاح الجامعة يبدأ من تطوير وإصلاح نظامها المالي، فهل تكون هذه القضية أحد اهتمامات وزارة التعليم في عهدها الجديد؟ هل تقدم لنا جامعة الملك سعود حلولاً لمعضلاتها المزمنة تتجاوز الشكوى والأنين؟