عبدالعزيز سعود المتعب
أتفهّم أن يقسو أحدهم في تنظيره وتصنيفه في أمرٍ ما، شريطة أن يكون ذلك في سياق موضوعية ما ذهب إليه، ولا يحيد عن فحوى هذه المنهجية قيد أنملة، إذا ما احتكمنا للمنطق وإنصاف كل الأطراف حيال أي شأن تتباين حوله الآراء في التأييد من عدمه، وقد يتجاوز الناس عن اجتهاد غير موفق في مجال الأدب الشعبي تحديداً، حين يتصدر المشهد صاحب آراء انطباعية ليس لها صلة -البتة- بفن النقد الأدبي، ويتقمص دورا فضفاضا أكبر من وعيه وثقافته، وفي تصريح غير موفق يتجاوزه وعي المتلقي وتقتضي الذائقة الرفيعة إقصاءه، أما أن يؤتى بأحدهم وبنيّة مبيتة وإصرار تافه ليكون بوقاً لمحاربة الشعر الشعبي، عبر إحدى وسائل الإعلام -مع الأسف- لمجرد أن من أتوا به أجبن من أن يواجهوا ردة فعل الناس في وسائل الإعلام بتنوعها، فهذه مهزلة يجب الوقوف عندها طويلاً ورؤية الأمر من زواياه كما ينبغي، لأن المجاملة المتمثلة في الصمت حيال مثل هذه السلبية هي في مجملها مباركة لها، خصوصاً أن ما أشير إليه حصل مراراً وتكراراً، وعادت نفس وسيلة الإعلام هذه للكيل بمكيالين؛ تارة بكيل القائمين عليها المديح للأدب الشعبي، وتارة يتنصلون منه وكأن جمهور الشعر الشعبي وتاريخه (جدار قصيّر) صلصالي يشكلونه كيف ومتى شاءوا، ولسان حالهم في موقفهم الموثّق ضدهم من حيث أرادوا أنه لهم وليس عليهم قول الشاعر:
وما سُمِّي الإنسانُ إلا لِنَسْيهِ
ولا القَلبُ إلاَّ أَنَّه يَتَقَلَّبُ
وغاب عنهم أن (آفة الرأي الهوى: العاطفة تحجب الحكمة) Affection blinds reason
الظريف في الأمر تبريرهم المضحك المبكي الواهي حين صرّح من يعتقد أنه بإمكانه استدراك ردّة الفعل الغاضبة على إساءتهم للشعر، وأن الأمر برمّته لا يعدو كونه إثارة إعلامية -كما قال- بل أمعن في تبسّطه في التبرير قائلاً كان مزحاً.. فكان نص أحد التعليقات بسخرية هادفة في وسائل التواصل الاجتماعي مقطعاً للفنان طلال مداح (من بعد مزح ولعب صار حبك صحيح)، وهو يتماهى مع قول الشاعر أبو نواس:
صَارَ جِدّاً مَا مَزحْتُ بِهِ
رُبَّ جِدٍّ جَرَّهُ اللِّعِبُ
وقفة:
للشاعر زيد بن غيام رحمه الله:
أنا أشهد شهادة حق ما يجرح الرجَّال
سوى كلمةٍ تأتيه من صاحبٍ غالي