فوزية الجار الله
حضر ولي أمـــري وقضى ساعات لإنهاء الجواز وقد وافق لي تماماً وهو بكامل قواه العقلية على استخراج جوازي والرحيل إلى وجهتي حيث أمر هام بانتظاري.. حين انتهت الإجراءات أبلغوه بأن الجواز لن يتم تسليمه إلا غداً وإن كان لدي ظرف طارئ الليلة فعلي الذهاب بنفسي إلى القسم النسائي وشرح الأمر لهم هناك، أنا وهن نساء لابد أن يتفهمن حالتي الاستثنائية، هكذا أبلغ الموظف المسؤول هناك أخي.. أما أنا فقد كنت خلال هذا الوقت في حالة يرثى لها من التعب، كان الوقت ضحى، وزحام المراجعين شديد مابين نساء ورجال، الشمس ساطعة تميل إلى شيء من السخونة رغم شهر يناير وهذا هو قانون الصحراء، كنت أذرع الرصيف جيئة وذهاباً بانتظار الحدث السعيد، كنت أعتقد بأن الأمر لم يعد صعباً حالما شرحت للمسؤولة حالتي الاستثنائية قالت: الحقي الآن بولي أمرك قبل أن يغادر الموقع قولي له بأن يعود مرة أخرى إلى الموظف الذي أبلغه بهذا الكلام، وأن يسلمه ورقة موقعة ومختومة أنه لا مانع لديه من استلامك الجواز بيدك !!
توقفت وعادت بي الذاكرة إلى الخلف، تذكرت أبي رحمه الله وهو يمسك بيدي خوفاً علي من السيارات ونحن نتجاوز الشارع كنت أشعر برجفة أصابعه الحانية وأقول في نفسي غداً تكبرين وتعبرين الشارع بنفسك لا حاجة لك إلى أحد يحمل همك، أتذكره وهو يأخذني للطبيب ثم يرفعني بيديه إلى سرير الكشف لضعفي وصغر سني وعدم قدرتي على اعتلاء سرير الكشف بنفسي وأقول غداً تكبرين وتخدمين نفسك بنفسك، أتذكره وأنا في السنة الأولى الابتدائية يحمل الحقيبة عني حتى أعتلي عتبات الحافلة المدرسية المعدنية ثم يسلمني حقيبتي ثم يوصي السائق بنا أنا وشقيقتي، توقفت وتساءلت هل كبرت أم أنني لا أزال أرفل في طفولتي، هل أملك الآن عقلاً ووعياً أم أنني لا زلت بحاجة إلى من يدير شؤوني نيابة عني، متى سنعترف بأهلية المرأة ومسؤوليتها عن ذاتها ؟ متى سنعترف بأنها غادرت سن الطفولة والحاجة إلى من يتولى شؤونها سواء كان قادراً على ذلك أم غير مؤهل لهذا الأمر، فربما كان هذا الولي أنانياً أو ظالماً متعجرفاً عليها أن تنساق لأمره أياً كانت الظروف، متى نعترف بأن المرأة في بلادنا بلغت قدراً من الوعي والإدراك الذي يؤهلها لرعاية ذاتها.
** «أتساءل لماذا تنتج المرأة عندهم، وتُقذف عندنا؟ لماذا يغلب على ظننا أنها تبحث عن فرجة لتهرب من بين أيدينا؟ ألم نربها تربية حسنة؟»
عبارة للشيخ عادل الكلباني قرأتها في الفترة الماضية عبر «التويتر».. بوركت أيها الشيخ وأكثر الله من أمثالك.