سعد الدوسري
قبل 28 سنة من اليوم، كانت هناك مجموعةٌ من الشباب المتحمّس، المخلص للثقافة والإبداع، والممتد من أجيال حفرت الصخر، لتؤسس مكانها تحت الشمس.
كانت الشمس حارقة، لكنهم استظلوا ببعضهم ورسموا لأنفسهم طريقاً مختلفاً، ليس كطرق الذين سبقوهم. لم يحتضنهم أحد، فقاموا هم بكل الواجبات؛ بناء الديكور المتواضع، شراء المستلزمات، تنظيم القاعة، استقبال الضيوف. وفي الليلة الموعودة، قدموا عرضهم في المركز الثقافي بحديقة الفوطة، أمام حضور كثيف، لا مسؤولاً واحداً بينهم. وكادتْ كلُّ جهودهم أن تضيع، لولا أن هناك مَنْ رصد كل خطوات هذا العمل التجريبي الذي حمل عنوان «عندما يكتب البطل هزيمته»، والذي احتفل من خلاله لأول مرة بالمملكة، بيوم المسرح العالمي، والذي يوافق 27 مارس من كل عام.
في الفيلم الوثائقي الذي أنتجته جمعية الثقافة والفنون، بمناسبة إعادة عرض هذه التجربة في يوم المسرح العالمي لهذا العام، بمركز الملك فهد الثقافي، تحت رعاية وزير الإعلام، قال راشد الشمراني، مخرج المسرحية في نسختها الأولى عام 1987م:
-كنا في تلك الفترة، نعيش معاً تحت مظلة عشق الثقافة. نقرأ معاً ونكتب معاً، نفرح معاً ونحزن معاً، ونبني معاً حلماً مشتركاً. نكاد لا نفترق عن بعضنا، لأن كلاً منا يبحثُ في الآخر عن أجوبةٍ لأسئلته الصعبة.
لم يكن هؤلاء الشباب يستغربون المواقف الجاهزة التي كانت تُتخذ ضدهم آنذاك، وتحوْلُ دون دعمهم. كانوا يستقبلون الأمر على أساس أنه جزءٌ من ثقافة الصراع بين التجديد والتقليد، وأن عليهم أن يواجهوه بكل تفهم، لكيلا يخسروا المكتسبات التي بدأوا يحققونها.