فيصل بن محمد العواضي
من رحم المعاناة تولد الأمم ونحن كعرب أمة لها وجودها ولا يمكن القفز على هذه الحقيقة، وجود على الخارطة يتبعه وجود مصالح مشتركة وأمن قومي كل لا يتجزأ حتى وان ظن الطامعون خلاف ذلك.
اليوم عاصفة الحزم تعيد الاعتبار للأمة العربية في مواجهة الصلف الإيراني المتجاوز لكل حدود حزم يليق بأهل الحزم والعزم جسده خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ومعه إخوانه من قادة دول مجلس التعاون الخليجي وقادة العالم الإسلامي وكل المؤمنين بالحق في العالم.
موقف حازم أنقذ اليمن من الانزلاق إلى متاهات الحرب الأهلية وقبل الحزم كان الرأي كانت الدعوات إلى حل سياسي واعلنت الرياض استعدادها لاحتضان حوار يعيد بموجبه اليمنيون ترتيب بيتهم الداخلي لكن أدوات إيران المغيبة عن الوعي والمنطق تمادت في غيها وظن الحوثيون وحليفهم علي عبد الله صالح أنه لا وجود لرادع يمنعهم من تنفيذ مخطط إيران في اختراق الأمن القومي من جهة اليمن. كعربي أولاً قبل أن أكون يمنياً أجد نفسي في حالة من الاغتباط والنشوة لأن عاصفة الحزم عززت في نفسي شعور الانتماء لأمة قوية وكيمني أجد كل كلمات الشكر عاجزة أن تفي الموقف حقه لكن لا يستغرب الشيء من معدنه فخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز هو رجل الأمة وله مواقف كثيرة وأيد بيضاء لا تحصى في سبيل التضامن العربي ودعم مسيرة الأمة الواحدة.
وبعيداً عن مواثيق الجامعة العربية والمواثيق الدولية فالله أمرنا في محكم كتابه المبين بمقاتلة الفئة الباغية حتى تفيء إلى أمر الله، وحركة الحوثي باغية بكل المقاييس والمعايير دعيت إلى الحوار فأبت وقبلها حاوروا ولم يفوا بأي عهد ولا ميثاق ولم تجد معهم كل الحلول السلمية فهم في هذه الحالة فئة باغية وقتالهم واجب ديني وشرعي حتى يفيئوا لأمر الله بالسلم والصلح ووقف الفساد في الأرض.
وفي اعتقادي أن زمن الحوار قد انتهى فبعد أن ينقشع الغبار هناك خارطة واضحة لمسار الأمور في اليمن فالمبادرة الخليجية وآليتها المزمنة قد رسمت الطريق الذي يتمثل في مخرجات مؤتمر الحوار الوطني ومسودة الدستور، ولم يبق غير انزال الدستور للاستفتاء والبدء ببناء اليمن الاتحادي ودولته المدنية وحل كل المليشيات المسلحة وفرض سلطة الدولة على الكل في دولة لا غالب فيها ولا مغلوب.
وتدرك المملكة العربية السعودية ومعها بقية دول الخليج أنه قد آن الأوان لأن يستقر اليمن هذا البلد الذي عانى من ويلات كثيرة في ظل حكم علي عبد الله صالح لثلاثة عقود ونيف أجمع فيها كل من تعامل مع اليمن من دول وهيئات ومنظمات دولية على أن الرجل لم يكن يقيم لمصلحة الشعب أي وزن وكانت مصلحته فوق كل الاعتبارات حتى سمعنا تقدير الخبراء الدوليين لحجم ثروته التي جمعها والمقدرة بستين مليار دولار وهو مبلغ كبير جداً وخاصة في اليمن الذي تعد موارده محدودة وتبعاً لهذا الادراك وكعهدنا بالمملكة بمد يد العون دائماً لشقيقتها اليمن سيتم مساعدة اليمن على الاستقرار وبناء دولته المنشودة.
الشيء الآخر هو هل ما يجري في اليمن بداية لحل شامل في المنطقة من العراق إلى سوريا إلى لبنان والتي تعاني كلها من اللعبة الإيرانية القذرة في احداث الفوضى واثارة كوامن الصراع الطائفي المذهبي والحيلولة دون قيام أي حكومة تراعي مصالح شعبها؟.
وأمر لا يقل أهمية وهو أن عاصفة الحزم تجري في اليمن قبيل أيام من انعقاد القمة العربية التي أبدت قبيل انعقادها استجابة لطلب اليمن في التدخل العسكري لانقاذ الشرعية ستكون هذه القمة أكثر فاعلية من القمم التي كان المواطن العربي قد تجاوز الرهان عليها لترحيل قراراتها من دورة إلى أخرى لكن اليوم سنرى القمة تقف أمام واقع حقيقي من التضامن مع قطر عربي استعانت سلطته الشرعية باشقائها فلقيت الاستجابة المنشودة وانتهى الرهان على حسابات المصالح الدولية التي كنا نتساءل في ظل هذه المصالح: هل ستكون اليمن مقابل سوريا؟ أم مقابل دولة عربية أخرى؟ وكاننا أصبحنا نعيش قدراً محتوماً بالتسليم بالوجود الإيراني كأمر لا دافع له. وعوداً على بدء أقول إن زمناً عربياً سيتشكل في مرحلة ما بعد عاصفة الحزم زمناً مختلفاً كلياً عما قبل سيعود فيه الأمن والاستقرار إلى المناطق التي افتقدته وتعود ايران ادراجها وتتحقق مقولة الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليت بيننا وبين فارس جبل من نار وسيكون بيننا وبينها جبل من نار الحزم والعزم. شكراً خادم الحرمين الشريفين على الموقف النبيل الشجاع شكراً على كل ما قدمته المملكة وتقدمه لليمن شكراً لحكومة وشعب المملكة وعاشت الأمة العربية عزيزة كريمة متعاونة وعاش خادم الحرمين عقلاً مدبراً واخاً كبيراً يرعى شئونها.