ثامر بن فهد السعيد
مجلس الوزراء السعودي، يضع السوق العقارية أمام اختبار قدرتها على التطوير بدلا من كنز الأراضي والمضاربة بها، وذلك بعد إقرار مشروع الرسوم على الأراضي البيضاء في البلاد.
بعد أن جاءت التوصية من مجلس الشؤون الاقتصادية, أعاد مجلس الوزراء الكرة مرة أخرى إليه لتقديم الآليات والترتيبات اللازمة وكذلك الأنظمة لتطبيق هذا القرار.
وحيث إن صاحب التوصية هو من سيعمل على رسم الآليات والأنظمة، فيعتقد أن الوقت المطلوب لإتمام هذا المشروع سيكون سريعاً.
متوقع أن يمر السوق العقاري بمرحلة من الهدوء والترقب للآليات والتشريعات المنتظر الإعلان عنها، ولكون الفجوة بين العرض والطلب كبيرة، فإن تلاقي قوى العرض والطلب بالإضافة إلى ما ستظهره اللوائح والتنظيمات سيكونان المحرك الرئيسي للسوق العقارية في الفترة المقبلة، خصوصا مع إضافة مؤسسة النقد العربي السعودي شرط الدفعة المقدمة للقرض العقاري والبالغة 30% من قيمة الأصل، والذي بدوره أيضا وسع الفجوة أكثر بين المشتريين والبائعين. وعمليات الإقراض العقارية البنكية، تشير إلى تراجع الطلب على القروض العقارية بحسب الإحصائيات المنشورة. ولتجنب طول فترة الترقب، يجب سرعة البت ونشر اللوائح والتشريعات الخاصة بمشروع الرسوم على الأراضي البيضاء.
ويتطلب أن تكون هذه التشريعات مرنة، لتتماشى مع أوضاع السوق العقارية المختلفة بين العرض والطلب، والكساد والنشاط، وبين التركيبة السكانية للمناطق وكثافة السكان فيها، لترتفع هذه الرسوم في المناطق التي تشهد كثافة سكانية عالية، مثل منطقتي مكة المكرمة والرياض، وتبدأ بالتزايد كل ما كانت هذه الأراضي في وسط النطاق العمراني. كما أن تسعير هذه الرسوم، لابد وأن يأخذ بالحساب القيمة السوقية للعقارات لإضفاء العدالة والمرونة على هذه الرسوم.
أيضا بجانب المؤثرات الجغرافية والمكانية، لابد أن يراعي المشروع المؤثرات المجتمعية كالورثة القصر، والممتلكات الواقعة محل خصومة أو نزاع.
عانت السوق العقارية لفترة طويلة من عدم انتظام بيانتها ومعلوماتها المقدمة للجمهور، فجميع ما كان يتم في السوق العقاري من عمليات بيع وشراء كانت تتم دون أن يكون بمقدور الجمهور تقييم ما يجري في هذه السوق، فمستويات الشفافية في أدنى مراحلها.
وفي ظل تطوير منظومة كاملة للسوق العقارية، من الضروري تطوير مستوى الشفافية.
كانت أولى بودار المعلوماتية في السوق انطلقت من كتابة العدل، حيث بدأت الوزارة بإصدار الصكوك الالكترونية التي مكنتها من تكون قاعدة بيانات كبيرة عن السوق العقاري، وأيضا بالإفصاح عن قيمة التصرفات العقارية، ومساحاتها، وتقسيمها بين مناطق المملكة، لتعطي انطباعا عن حجم الأموال المدورة في هذا السوق الضخم، والذي تشير التقديرات إلى أن حجمه السوقي في مستوى بين 2.5 و 3 ترليون ريال سعودي.
وأيضا ولضبط مؤشر الصفقات من التلاعب، اتجهت الوزارة إلى المطالبة بالحصول على مستندات موثقة عند الإفراغ ونقل الملكيات تشير إلى آلية الدفع، سواء عبر شيك مصدق أو حوالات موثقة تدل على إتمام الصفقة. وبجانب ذلك أيضا، فلهذه الخطوة دورها في عمليات ضبط الأموال المشبوهة.
اليوم، ومع بداية تشريع آليات الرسوم والتنظيم العقاري، لابد أن يكون لمصلحة الإحصاء دور في نشر مؤشرات عقارية جديدة يعتمد عليها في قياس حركة السوق وتوجهاته، ليتمكن المستثمر والمستفيد من قراءة وتحليل سوق العقار. ففي الاقتصاديات المتقدمة، تم إيجاد مؤشرات دورية تظهر حركة وعدد رخص البناء الجديدة، ورخص الترميم، وأيضا بيع البيوت المستخدمة، وهذا الدور يجب أن تلعبه البلديات لامتلاكها البيانات اللازمة، ولكونها جهة الاختصاص التي تصدر منها مثل الرخص.
توفر الجهات الحكومية صاحبة الاختصاص البيانات المطلوبة عبر مواقعها الالكترونية، ولكنها متأخرة كثيرا ولا تفي بالغرض الإحصائي أو التحليلي للسوق، فعلى سبيل المثال، توفر البوابة الالكترونية لوزارة الشؤون البلدية والقروية إحصائيات عن الأمتار والأدوار والمساحات التي صدر لها تصاريح بناء، وأيضا عدد الرخص فيها، إلا أن آخر تحديث في موقع الوزارة لهذه البيانات كان بنهاية العام 1434 هـ، والمطلوب أن تكون هذه الإحصائيات دورية بشكل شهري أو ربع سنوي، لجعل قياس آثار القرارات، والعرض والطلب في السوق العقاري أكثر دقة مما هي عليه الآن. فتأخر المعلومة مثل غيابها، يضعف القدرة على استقراء السوق.
أشارت الإحصائيات الأخيرة والصادرة عن العام 1434هـ، أن عدد رخص البناء في مناطق المملكة كانت 77,268 ألف رخصة لبناء 31.5 مليون م2 ما يمثل تشييد 257,912 طابقا وبمقارنة هذه الأرقام بالأرقام الصادرة عن العام 1433هـ فإن رخص البناء تراجعت بنسبة 23%، حيث كان مجموع الرخص في العام 1433هـ يتجاوز 100 ألف رخصة ومساحات البناء المنفذه انخفضت بـ41% بالمقارنة مع مساحات بناء 53,5 مليون م2، هذه المقارنة بالأرقام التاريخية، تشير إلى تأثر سوق العقار والبناء بفجوة العرض والطلب، رغم التقديرات بأن المملكة تحتاج أكثر من 200 ألف وحدة سكنية لتغطية الطلب من التركيبة السكانية والشريحة العمرية للمواطنين السعوديين.