أخذ الملك سلمان قراره التاريخي مكرهاً؛ فقد فضَّل الحوار، واتجه إلى التفاهم، ودعا إلى تحكيم العقل، وسعى نحو ما يُجنِّب اليمن الشقيق ويلات الحرب وأهوالها، ووظَّف كل إمكاناته وعلاقاته لكي لا يجد نفسه أمام خيار الحرب التي لا يريدها، لكن الحوثيين ومعهم علي عبدالله صالح أرادوها حرباً ضروساً، تأكل أخضرهم ويابسهم، على أن يقبلوا بمبدأ الحوار والتفاهم وتحكيم العقل.
***
فكان لهم ما أرادوا، فإذا بهم أمام الضربات القوية التي تتم بقوة وحزم؛ فأصبحوا يعضون أصابع الندم، ويتمنون لو أنهم استجابوا للغة العقل والصوت الداعي إلى المصلحة، بدلاً من الارتهان إلى إيران، وقبول إملاءاتها، وإعطاء الظهر لكل ما هو صوت عربي، دون تفكير بمصلحة بلادهم وجيرانهم.. ولكن بماذا ينفع الندم، وقد تحولت اليمن إلى ساحة حرب من طرف واحد، الخاسر فيها علي صالح وفلوله والحوثيون؟
***
كان سلمان بن عبدالعزيز حليماً وحكيماً، ذا صبر لا ينفد، إلا عندما تكون الحرب هي خياره الوحيد، ولا خيار غيرها. وظل هكذا ممسكاً بالعصا زمناً طويلاً، يأمل أن يعود الحوثيون وعلي صالح إلى رشدهم، فإذا بهم يخطئون الحسابات، وتخونهم التقديرات، ويذهبون بعيداً في تعاملهم مع رؤية الملك سلمان بالحوار وليس غيره، ناسين أو متناسين أن للصبر حدوداً، وأن للحلم نهاية، وأنه قد يأتي يوم لا تكون فيه من حيلة يتم لجوء الملك سلمان إليها لتجنب الحرب. وهذا ما حدث؛ فقد بدأت (عاصفة الحزم) لمنع الحوثيين والرئيس المخلوع من المضي أكثر في مؤامراتهم ضد الشعب اليمني وشعب المملكة العربية السعودية.
***
حرب قد تطول، أو لا تطول، نهايتها هزيمة نكراء لإيران وعملائها علي صالح والحوثيين؛ وبالتالي بداية عهد جديد من الاستقرار والأمن والتطور لليمن، مع استتباب الهدوء على الحدود السعودية مع اليمن. وهذه الحرب درس للجهلة والمغامرين بأن التحرش بمن هو أقوى وذو موقف صادق ومخلص في حروب جانبية إنما هو نهاية لحلم وُلد ميتاً، ولن يحييه هذا التصرف الأحمق، حتى ولو تم الاستقواء بإيران أو غير إيران.
***
إنها مرحلة مهمة، لن ينساها التاريخ، وحقبة تاريخية، ظن فيها الحوثيون وأنصار الرئيس المخلوع أنه سيكون لهم مكانٌ لقدم في السلطة باليمن؛ ليُذيقوا المواطن الذل والهوان، ويُعرِّضوا أمن جيرانهم للخطر، فإذا بهم أمام الضربات القوية يختفون عن المشهد، تاركين مخابئهم وعناصرهم لنيران القوات المشتركة بقيادة المملكة العربية السعودية، وهو ما حاول الملك سلمان أن يتجنبه، ولكن (إذا لم تكن غير الأسنة مركباً ** فما حيلة المضطر إلا ركوبها).