د. عبدالواحد الحميد
موافقة مجلس الوزراء على قيام مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بوضع آليات وترتيبات تنظيمية لفرض رسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني في المدن والمحافظات والمراكز أنهت انتظاراً دام سنوات طويلة لوضع حد لسلبية ملاك الأراضي البيضاء الكبيرة تجاه الأزمة الخانقة التي يشهدها قطاع الإسكان على الرغم من وجود أراض شاسعة جداً تتوسط المدن والمحافظات والمراكز في جميع أنحاء المملكة.
سوف تتضح في الأسابيع والأشهر القادمة تفاصيل الآليات والترتيبات التي سيقوم بها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية وما ستنتهي إليه الإجراءات التنظيمية الأخرى، ولكن من الواضح أننا أمام منعطف كبير في الطريق إلى حل أزمة الإسكان التي تشهدها البلاد منذ الطفرة الاقتصادية الأولى في منتصف السبعينيات من القرن الميلادي الماضي.
فللمرة الأولى يأتي التعامل مع مشكلة الأراضي البيضاء الكبيرة التي خنقت البلاد والعباد بهذه القوة والحسم. وقد كان، ولا يزال، من المذهل أن تجد في مدينة مزدحمة كالرياض مساحات واسعة من الأراضي البيضاء الكبيرة المطلة على شوارع وطرق رئيسية، وأراض بمساحات هائلة تُقَطِّع أوصال الأحياء والحارات، بينما لا يجد المواطنون مساكن بأسعار أو بإيجارات في متناول اليد!!
لقد أصبح من المستحيل أن يعتمد معظم الشباب على أنفسهم في تدبير تكاليف السكن عندما يتزوجون ويبدأون في تكوين أسرة صغيرة، ولهذا يلجأون إلى الأهل أو إلى الاقتراض والغرق في الديون أو تأجيل الزواج بالكامل.
إن وجود هذه الأراضي البيضاء الكبيرة داخل المدن والمحافظات والمراكز يشكل استفزازاً لمشاعر الناس المطحونين بغلاء السكن، فهي في أيدي مُلاك يعملون تحت شعار «الأراضي البيضاء لا تأكل ولا تشرب» ومن ثم فهُم يتركونها للزمن ويحبسونها كي تضع ضغطاً على أسعار الأراضي التي تضاعفت أضعافاً مضاعفة دون أي مبرر اقتصادي. هم يخلقون شُحاً مصطنعاً في بلاد شاسعة بحجم قارة غير آبهين بالمفاسد الاجتماعية والاقتصادية التي تنشأ عن الأزمة الإسكانية التي تمسك بتلابيب المواطنين منذ عقود طويلة.
أياً كانت الترتيبات التي سوف تُتَّخذ لفرض رسوم على الأراضي البيضاء فإنها ستكون لصالح المواطن والوطن، لكن المأمول أن تكون متوازنة وعملية وسريعة لكي تحقق الهدف وألا تكون فيها ثغرات يتم الالتفاف عليها وإفراغها من مضمونها.