فهد الحوشاني
ينتاب الخريجين من الشباب الكثير من القلق بسبب تقلص فرص العمل وتزايد المنافسة من المقيم الذي استحوذ على أغلبية فرص العمل في القطاع الخاص والأنشطة التجارية بسبب نوعية مؤهلاته التعليمية وظروف نشأته التي تتيح له العمل في الأعمال التي يصعب على السعوديين التأقلم مع أجوائها،
... فما زال التعليم عاجزاً عن تقليص الفجوة بين الشباب وفرصة العمل المتاحة التي أصبحت حكراً على غيرهم رغم ما فيها من مداخيل عالية! وبدون ذكر للجنسيات فهناك جنسيات تخصصت في تجارة السيراميك والرخام وأخرى في تأجير المعدات من (الشيولات والدركترات) وأدوات الحفر وثالثة في قطع الغيار ورابعة في المطاعم وخامسة في تجارة الملابس الجاهزة وسادسة في تشغيل المحطات التي على الطرق الطويلة، وسابعة البقالات والأسواق التجارية الصغيرة وثامنة على سوق الغنم والإبل والأعلاف، وتاسعة على المزارع ومنتجاتها من التمور والفواكه والخضروات والقائمة تزيد عما ذكرت!
شبابنا لا وجود لهم في هذا السوق (المنجم) إلا ما ندر، فهم إما في ظائف حكومية أو شركات القطاع الخاص، هذا من أكرمه الله بالحصول على وظيفة، ومن لم يحصل على وظيفة فهو يقتات جرعات من التذمر.. والبحر أمامه وهو عطشان.. بينما الآخرون يغرفون منه كيفما شاؤوا، وبلغة الأرقام فإن عدد العمالة في المملكة أكثر من ثمانية ملايين، والمملكة تحتل المرتبة الثانية عالمياً من بين أكبر الدول المصدرة لتحويلات العمالة الوافدة خلال الفترة من عام 2008 إلى 2013، بعد الولايات المتحدة، وقد قُدرت التحويلات في عام 2014 بأكثر من 154 مليار ريال.
ولا مشكلة في تلك التحويلات إذا كانت الحصول عليها قانونيا وليس من التستر أو غيره، فكثير من الوافدين يسهمون بشكل واضح في مسيرة التنمية، ولهم جهود مشكورة لا يمكن التغاضي عنها، لكن ما يشير إليه تقرير مؤسسة النقد يوضح أن هناك فارقاً كبيراً بين حجم التحويلات للخارج وحجم الأجور المدفوعة! ففي مقابل الأجور السنوية المدفوعة للوافدين خلال 2012 التي بلغت 83 مليار ريال، جاءتْ التحويلات بنحو 125.2 مليار ريال! وهذا يعطي مؤشراً على أن بعض تلك التحويلات ربما جمعت من التستر، مما يؤكد سيطرة بعض الوافدين على النشاطات التجارية التي تم التطرق لبعضها والاستفادة من كامل مداخيلها، ولو كان هناك تعليم مهني حقيقي وتوجيه ودعم مستمر لمشاريع الشباب، لكانت معظم تلك التحويلات في جيوب شباب فارغة وأسكتت حناجر تضج بالتذمر وهي عاجزة عن المنافسة بسبب بعد التعليم عن سوق العمل وبسبب عدم وجود الدعم والحماية من المنافسة الشرسة التي نسمع عنها عندما يدخل سعودي بين المهيمنين على مهنة أو نشاط تجاري معين فإنهم يحاربونه، والموزعون يبيعونه بأعلى سعر وربما تجاوزوه إلى غيره! وهذا أمر يجب التفكير فيه، ولعل مجلس الشورى يجد حلولاً لكيفية أن يستفيد المواطن من الفرص المتاحة التي استثمرها غيره، وأن يتم دعم الشباب والانتصار لهم وحمايتهم بتشريعات وقوانين تحميهم من المنافسة غير العادلة وتمكينهم من الدخول إلى منجم لم يستفيدوا منه!