سعد بن عبدالقادر القويعي
تبعات ارتباك السياسة الإيرانية بين الداخل والخارج، تصب في ذات التمدد المقصود على حساب الأمن القومي العربي. فبينما تضمن خطاب الأمين العام لحزب الله -حسن نصرالله- قبل أيام، الكثير من الافتراء، والتجني في حق السعودية،
والكثير من المغالطات التي تهدف إلى تحريف الحقائق، وتضليل الرأي العام، جاء رد السفير السعودي في لبنان علي بن عواض عسيري، بأن هكذا خطاب «يعكس ارتباك الجهات التي يمثلها».
غير أن ما لا يمكن تجاهله، هو أن إيران بسياستها الإقليمية التوسعية، تستهدف السعودية قبل أي دولة أخرى؛ من أجل فرض سياسة القوة، والأمر الواقع، وملء الفراغ، واستغلال مواطن الضعف، والاضطرابات في المنطقة العربية -بأكملها-. ولذا كان من المهم أن تسعى السعودية إلى كسر الحصار الإيراني بلغة حازمة؛ لإجبار إيران على تعديل حساباتها، الأمر الذي يُعتبر في علم السياسة علامة فارقة، تشير إلى ضعف القراءة الإيرانية الخاطئة للمشهد الإقليمي، الذي سيضعف -بلا شك- التدخلات الإيرانية في اليمن -مرة أخرى-؛ بسبب إضعاف الميليشيات الحوثية، وشرعية الأمر الواقع التي اعتمدوا عليها بقوة السلاح، ولغة القوة.
هناك زاوية أخرى، يمكن النظر من خلالها، وهي أن هوية إيران الطائفية تعبر عنها سياستها الخارجية، كونها تعتمد على الاصطفافات الداخلية المذهبية، والتحالفات الطائفية البغيضة، سواء أكان هذا التحالف مع قوى شيعية موالية لها في العراق، وسوريا، ولبنان، واليمن، أو عبر تشكيل فيالق عسكرية غير نظامية، تكون بمثابة أذرعة خارجية في المنطقة، تقوم بالوكالة عن إيران بتهديد كيانات دول، واستهداف استقرار حكومات، وبالتالي توهمها بأن هكذا سياسات عدوانية، قد تعطيها الحق في التدخل في شؤون دول المنطقة، تحت ذرائع مختلفة، مع أن المشهد السياسي اليمني على سبيل المثال، يؤكد على تبدل أدوات الصراع؛ بسبب انقطاع بعض خيوط الإمداد السياسي، واللوجستي عن بعضها الآخر.
وفي سياق التعليقات على الموقف الإيراني، تتجه تحليلات بعض المراقبين كما أوردتها صحيفة «ميدل آيست أونلاين»؛ للكشف عن أن ازدواجية الخطاب التي تظهر في تصريحات قادة إيران، وحلفائهم في المنطقة، التي تخفي وراءها حالة من الارتباك. إذ يبدو أن القادة الإيرانيين هؤلاء، صدقوا -فعلاً- أن دول المنطقة وهنت، وكثرت مشاكلها، ولم تعد قادرة على ردّ نزعة إيران التوسعية، وأن المجتمع الدولي سيظل متابعا للأحداث، متفرجاً على تدخلاتها البهلوانية في أكثر من دولة، معبراً عن إعجابها بقوتها كدولة عظمى، تعلن عن نفسها بين أقوياء العالم، وتساعد في مقاومة الإرهاب السني -على وجه التحديد-، في حين أنها لم تكن إلا مجرد كومبارس، وعاملاً من عوامل تفتيت المنطقة طائفياً، مثلها في ذلك مثل كل التنظيمات الإرهابية كالقاعدة، وداعش، وتزيد عليها -فقط بكونها- دولة أمة، وتطمح إلى العظمة؛ لكنها تفتقد إلى كثير من الأخلاقيات التي تؤهلها إلى ذلك.
ضمن سياسة فرض الأمر الواقع -ذاتها-، فإن على إيران مسؤولية إيجاد حل لأزمة صنعتها بيديها، حين خاضت حربا طائفية على دول المجاورة بشكل لا أخلاقي، كان دافعها الأساس: استعادة الإمبراطورية الفارسية في المنطقة. وفي المقابل، فإن استعادة توازن عربي كان مفقوداً في مواجهة إيران، له أثر إيجابي في التأثير على موازين القوى في المنطقة -ككل-، إضافة إلى تغيير حسابات قائمة، بعد أن خرجت المسألة اليمنية من الإطار السياسي إلى الحل العسكري.