منيف الصفوقي
يسأل كثير من المتابعين لماذا ألقي على كاهل أمين عام حزب الله حسن نصر الله مسؤولية الحديث بمناسبة وبدون مناسبة عن عاصفة الحزم؟ ولماذا عليه أن يهاجم السعودية ويفتري عليها الأكاذيب؟ ولماذا.. ولماذا.. سلسلة من التساؤلات في هذا الوقت، وسأجتهد لتلخيص الإجابة قدر الإمكان.
أولاً: (عاصفة الحزم) حدث تعدى خلط الأوراق في المنطقة إلى تحوله إعلان مفاده نهاية عصر المليشيات المسلحة، وعودة الأمر إلى الحكومات العربية الشرعية، وأكثر المتضررين بالطبع إيران المفرخة الكبرى للمليشيات الإرهابية في المنطقة التي يتجلى النموذج في صنيعتها حزب الله.
ثانياً: عزم المملكة على تصفية الخلافات العربية، والعمل على دفع الدول العربية على تجاوز خلافاتها الداخلية وإنهائها بمصالحات حقيقية، واستعادة الأحزاب المختلف معها إلى الحاضنة تلك الدول أولاً، ثم إلى الحاضنة العربية الأشمل، وتفويت الفرصة على إيران لتحويلها إلى مشروع غطاء (سُني) لضرب الشرعية العربية.
ثالثاً: صياغة المملكة لنظام عربي جديد يكون فيه حفظ الأمن العربي قراراً داخلياً، وإنهاء المرحلة الماضية التي شابها ترقب ما يريده المجتمع الدولي، وهذا يعني أن كل عابث بالأمن وخاصة الوكلاء والتوابع، حزب الله أحد الضالعين البارزين في هذا الشأن، أصبح هدفاً، وينطبق عليه ما ينطبق على ميليشيات الحوثي.
رابعاً: تحول المملكة والعرب من ورائها إلى ملء الفراغات التي تركت في أكثر من بلد عربي واستغلتها إيرن، ولبنان أحد البلدان التي تركت اليد العليا فيه لحزب الله، ما يعني أن أمين عام حزب الله يعلم أن الفترة المقبلة ستفرض واقعاً إن لم ينهِ الحزب سيساهم في تحجيمه بشكل كبير.
خامساً: ليس في جعبة طهران أي تابع من خلاله يمكنها مخاطبة الجمهور العربي لاحتواء هذه التحولات العربية، فأتباع طهران في العراق مجموعة من مجرمي الحرب، وليس أمام طهران إلا نصر الله الذي كان يتمتع بمصداقية عند كثيرين، لكن المفارقة أن هؤلاء المخدوعين اكتشفوا الحقيقة خلال الحرب السورية، ويظهر أن إيران لا تجد بد من استخدام نصر الله وإن كان منتهي الصلاحية.
سادساً: الشحن الطائفي (التشيع) كان المحرك الأساسي لطبقة الحكم الإيراني، لكنه تحول إلى جامع شعبي ورسمي عربي يكن العداء لكل ما تمثله إيران، وفي السابق كانت إيران تهاجم المملكة من خلال علماء دين سنة خدعتهم بالتقريب بين المذاهب، لكنهم انفضوا حولها بعد أن كشفت الأيام وجه طهران الطائفي والإجرامي في العراق وسوريا.
ولم يبق أمام طهران اليوم للتخفيف من حدة العداء إلا نصر الله، وتمني إيران نفسها أنه يمكنه التأثير في الجمهور العربي لدحض مسألة (التشيع)، متجاهلة أنه منتهي الصلاحية بسبب الحرب السورية، وأن من كان مخدوعاً به في الماضي بات يدرك الفرق بين عداء إسرائيل على القنوات الفضائية والمجازر ترتكبها مليشيات حزب الله في سوريا، لكن إيران لا تملك بديلاً عنه.
خلاصة القول إن المملكة ستشتد عليها رياح الافتراء والتهجم في الفترة المقبلة، وعلى السعوديين والعرب ممن يؤمنون بحقهم في البقاء أحراراً لا تابعين أن يتوقعوا أن يهاجمهم من ظنوه ولياً حميماً، فإيران ستدرك لاحقاً أن ابواقها تفوح منها رائحة جثث أطفال سوريا والعراق، وأنه لا أفضل من عباءة سنية تشترى لتوجه السهام إلى بلاد الحرمين وموطن العروبة، وعليه على صانع القرار في البلدان العربية أن يعقل أن المملكة هي العنوان الظاهر، لكن الجوهر المقصود هو الأمن العربي وأمن بلده وهنا علة التجريم القانوني التي يجب أن تطال الخونة.