جاسر عبد العزيز الجاسر
يحاول نظام ملالي إيران الحد من الانهيار الاستراتيجي والسياسي الذي تعرض له بعد نجاح عاصفة الحزم في مواجهة غطرسته وتعريته سياسياً وعسكرياً وإعلامياً، فقد كان أيتام خميني وأبواقهم الإعلامية في بيروت وبغداد ودمشق، ومحطاته التلفازية من المنار والميادين اللبنانيين وشبكات تلفزيون بشار ومحطات التلفاز العراقية والطائفية، تصور النظام الإيراني بأنه قوة عسكرية لا تُقهر، وأن أذرعته الطائفية الإرهابية قادرة على نشر الفوضى وهزّ استقرار، وتخريب أمن أي من الدول التي لا تستجيب لإملاءات نظام طهران وأعوانه، التهديد بنشر الإرهاب وممارسة التخريب من خلال إيقاظ الخلايا الطائفية النائمة، إضافة إلى التلويح بالقوة العسكرية الإيرانية والتي روج لها النظام بكثرة إجراء المناورات العسكرية، وإرسال بوارجه الحربية إلى خارج مياه الخليج العربي، إذ وصلت إلى خليج عدن وحتى البحر الأبيض المتوسط.
الآن بعد أن هبت عاصفة الحزم، وظهرت القوى على حقيقتها، انكشفت القوة الإيرانية، فظهر النظام الطائفي ما هو إلا نمر من ورق.
إذ أظهرت العمليات التي دارت في الأجواء اليمنية وبعد خمسة عشر يوماً، أن الطيران العربي وبالذات الطيران السعودي والخليجي يمتلك قدرات قتالية ومستوى عالياً جداً من التقنية والمهارة في تطويع أكثر الطائرات القتالية النفاذة في العالم، وقد لاحظ متابعو عمليات عاصفة الحزم أن معظم الغارات تتم في الليل، وأن الإصابات التي تسجلها الطائرات الخليجية دقيقة بنسبة مئة بالمئة، وهي نسبة عالية خاصة في المعارك الليلية. كما أن طيران التحالف العربي قد غطى مساحات كبيرة جداً، فبالإضافة إلى السيطرة على سماوات اليمن أيضاً كانت المياه الإقليمية لليمن من الحدود العمانية حتى خليج عدن بما فيها السواحل التي تقع على البحر العربي، ومن باب المندب حتى الحدود مع المملكة العربية السعودية، وهذه مساحة كبيرة جداً، لم تستطع أي جهات معادية للتحالف العربي اختراقها.
إضافة إلى السيطرة على سماوات اليمن، استطاعت قوات التحالف العربي المشاركة في عاصفة الحزم السيطرة تماماً على البحار المحيطة باليمن، بدءاً من البحر العربي، فخليج عدن، فباب المندب، فالبحر الأحمر، وهي منطقة شاسعة استطاعت القوات البحرية المصرية التي أرسلت أربع بوارج لحراسة باب المندب، إضافة إلى القوات البحرية السعودية التي سارعت إلى تحريك كل بوارجها الحربية في الأسطول الغربي مع مشاركة الأسطول الشرقي لحماية سواحلنا، وسواحل الدول المشاركة في عاصفة الحزم دولة الكويت ومملكة البحرين ودولة قطر ودولة الإمارات العربية.
إذن التلويح بورقة التدخل البحري الإيراني، وأن الإيرانيين قد يتدخلون في المعارك التي تجري في اليمن لا يمكن أن يرهبنا أو يخوف قوات عاصفة الحزم التي تعلم ما هي قدرات وإمكانات الإيرانيين الذين يجيدون الصراخ ويعجزون عن الفعل، كما أن جميع تحركاتهم سواء قبل انطلاق عاصفة الحزم أو بعدها مرصودة، ومعد للتصدي لها وتلقينهم الدرس الذي يستحقونه مثلما يلاقي عملاؤهم وأعوانهم في اليمن.