جاسر عبد العزيز الجاسر
إن أريد لجهود تخليص محافظتي الأنبار ونينوى العراقيتين من عناصر مليشيات داعش، فيجب الاستماع جيداً لأهالي المحافظتين الذين يطالبون بعدم مشاركة عناصر الحشد الشعبي الذي يشارك في معارك تخليص الأراضي العراقية وفي ذهنه الانتقام من أهالي المحافظات والمدن المحررة الذين عانوا الأمرّين من تعنت وأساليب داعش، ليواجهوا بعد تخليص مدنهم، انتقام عناصر الحشد الشعبي، مثلما حصل في مدن محافظة صلاح الدين وقبل ذلك في محافظة ديالى.. فبعد عمليات النهب والسرقة التي أقدمت عليها المليشيات المكوّنة لهذا الحشد، استنسخ النسخة الإيرانية لتنظيم «البسيج» والبسيج ترجمته العربية هو «التعبة» وهي كلمة مقاربة للكلمة العربية التي أطلقها المرجع الشيعي علي السيستاني الذي حوّل العراق بكل مكوناته المذهبية والعرقية تحت سيطرة شيعية من خلال هذا التنظيم العسكري، ونعلم كيف قهر باسيج إيران الإصلاحيين الإيرانيين وقضى على الثورة الخضراء باستعمال أشد أنواع القمع للمواطنين الإيرانيين وقتلهم بشتى السبل، مما قضى على أي تفكير لمواجهة تعنّت نظام ملالي طهران، وهو بالتالي جهاز قمع بوليسي يعمل على بقاء وفرض فكر أيديولوجي بقوة السلاح، وفي العراق بدأت أدوار ومهام (الحشد الشيعي) مقاربة لمهام (البسيج الإيراني) وإن ظهرت ملامح الحشد الشيعي العراقي بصورة دموية أكثر وقساوة أشد، وهو ما كشفته الأعمال الإجرامية التي ارتكبتها مليشيات الحشد في مدن ديالى وصلاح الدين، وهذه الأعمال التي كشفتها وسائل الإعلام التي كانت حاضرة لتغطية المعارك مع داعش، إلا أن مليشيات الحشد الشيعي لها أعمال إجرامية وعمليات قمع حتى في المحافظات الجنوبية التي تسكنها أغلبية شيعية، حيث تقوم مليشيات الحشد بسوق (المتطوعين) بالقوة وإرسالهم إلى مواقع القتال في المحافظات السنية.
السلوك السيئ والوقح وهو الوصف الذي يتداوله قادة شيعة مؤثرون دفع العديد من قادة المكون السني وبالذات في محافظتي الأنبار ونينوى إلى رفض مشاركته مليشيات الحشد، وأمام هذا الرفض الجدي ففي المعركة المرتقبة لتخليص محافظة الأنبار ومدنها من عناصر داعش الإرهابية، ستكون معادلة القوى في هذه المحافظة الشاسعة مختلفة، فقد تمخضت زيارة الدكتور سليم الجبوري رئيس البرلمان العراقي إلى النجف واجتماعه مع الزعيم الشيعي مقتدى الصدر على استبدال عناصر الحشد الشيعي بسرايا سلام التابعة، وستشكل هذه السرايا قوة كبيرة تدعم القوات المسلحة العراقية بضمها إلى قوة عسكرية من أبناء عشائر الأنبار الذين تدربوا منذ مدة على يد عشرات العسكريين الأمريكيين، وبلغ ما تم تدريبه حتى الآن عشرة آلاف مقاتل الذين ينتظرون تسليحهم ليكونوا ظهيرا عسكريا قويا يعوّض إبعاد عناصر الحشد الشيعي.
أما فيما يتعلق بمعركة تحرير محافظة نينوى التي تم إنجاز مساحات كبيرة منها، عندما تم تخليص جبل سنجار والمدن المحيطة بمدينة الموصل حاضرة المحافظة، وينظر المتابعون لما يجري في العراق إلى زيارة الدكتور حيدر العبادي إلى أربيل، حيث أجرى مباحثات مع رئيس إقليم كردستان مسعود برزاني بأنها تمهد لمعركة الموصل التي أيضاً ستبعد عنها مليشيات الحشد الشعبي وسيحل بدلاً منهم مقاتلو أبناء العشائر وأهالي الموصل، وهم الذين يشكلون أكبر نسبة ضباط الجيش العراقي السابق الذين يواصلون تدريبهم بإشراف مدربين أمريكيين، وسيكونون القوة التي ستتولى دخول مدينة الموصل على أن تضطلع «البيشمركة» والجيش العراقي بعمليات إسناد من الشمال والجنوب مع توفير غطاء جوي من قبل طيران التحالف الدولي.