د.ثريا العريض
لماذا يهم المملكة العربية السعودية إعادة استقرار الأمن والشرعية إلى اليمن؟ لأن استقرار كل دول المنطقة أمنياً واقتصادياً أمر مترابط! وعلينا أن نعود إلى الخصوصيات الأخرى للمنطقة لنحدد بناء عليها ما يمكن أن تفعله الدول لبناء وتقوية كفاءتها في تحقيق الاستقرار والتعامل مع عالم اليوم:
1- كل دول مجلس التعاون والدول الأخرى بمنطقة الخليج مرتبطة في إطارها الاقتصادي بصناعة استخراج النفط والغاز وتصديرهما كمصدر طاقة مطلوبة عالمياً. مع أن النفط والغاز مورد محلي ناضب إلا أن الآخرين المتعاملين مع دول المنطقة يرون لهم حقاً في التحكم في التجارة به. الأخوة العرب مقتنعون منذ أيام القومية في الستينات بمقولة «نفط العرب للعرب», بمعنى حق اقتسام المردود الاقتصادي, ومثل بقية المسلمين يشاركون أيضاً في رفع شعار استخدام حظر التصدير كوسيلة سياسية للضغط أو الرد على الضغوط السياسية. والدول المستوردة تراه سلاحاً يمكن للمتحكم فيه أن يخنقها اقتصادياً لاعتماد صناعاتها ومواصلاتها ونقلها على النفط لتوليد الطاقة الضرورية لاستمرارية عمل مؤسساتها.
2- موقف الدول العربية وحتى الدول الخليجية من إسرائيل يتفاوت بين التقبل والاعتراف والاصرار على رفض الكيان الإسرائيلي واحتلال فلسطين. خاصة وقد رفضت إسرائيل مبادرة الملك عبد الله للسلام إذا عادت إسرائيل إلى حدود 67.
3- وموقف الغرب من مرئيات الصهيونية العالمية واعتبار إسرائيل حليفاً دائماً، وحماية أمنها التزام دائم إلى حد مهادنة التوسع اللامحدود, وامتلاك إسرائيل للمفاعل النووي، مع رفض امتلاك أي دولة أخرى في المنطقة للقوة النووية حتى لأغراض سلمية.. وربما تبني الغرب مشروع خارطة الشرق الأوسط الجديد التي ستغير الحدود الرسمية للدول لمزيد من ضمان أمن إسرائيل وطموحاتها التوسعية.
4- تنامي التيارات الدينية والتمحور المذهبي في المنطقة بعد الثورة الخمينية, وتبنّي إيران توجّه تصدير الثورة واستقطاب شيعة الدول العربية كمحاولة لتهميش المعارضة الداخلية.
5- ثورة جهيمان العتيبي في السعودية وتأجيج الرفض للسلطة الحاكمة أسست لتيارات ذات صيغة دينية تخفي أهدافاً وطموحات سياسية.
6- حرب الخليج الأولى حولت الأطماع العراقية إلى معول هدم للعلاقات الإقليمية واستنزفت دول الخليج في فرض دعمها مادياً لصدام. وحرب الخليج الثانية كانت معول هدم للثقة بين الأخوة العربية, وأيضاً استنزفت الموارد الخليجية لدعم تحرير الكويت من الغزو العراقي وتأمين حمايتها من أطماع صدام حسين في منابع النفط.
7- تأزيم العلاقة بين الغرب والمسلمين وبالذات دول الخليج وبالتخصيص المملكة العربية السعودية, بعد إعلان تنظيم القاعدة مسؤوليته عن تفجيرات نيويورك في التاسع من سبتمبر 2001.
8- تحوّل نشاط القاعدة إلى الجبهة المحلية أسهم في قلقلة الاستقرار السياسي, وتنامي مد الغلو الديني والخلايا المستترة. والاستقطاب المذهبي زرع بذور التكفير والإقصاء, وفتح الباب لدعوات الجهاد التي تصاعدت لتحليل الإرهاب.
9- وفي الأخير طالت منطقة الخليج عدوى ما سمي بالربيع العربي, بكل روافد إشعال الثورات مبررة بالمعاناة الاقتصادية والفروقات الطبقية والفئوية والتجاوزات السلطوية. كحصاد لمخططات الفوضى الخلاقة.
10- وبسقوط الأنظمة تم اختطاف زمام حركات الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي, لتبدأ صولة المنظمات المتأسلمة لانتزاع موقع السلطة.
11- وكان آخر حلقات مسلسل قلقلة الأمن اكتشاف الخلايا الإخوانية في الدول الخليجية التي شجعها اختطاف الإخوان المسلمين لثورات الربيع العربي على إعلان وجودها.. ثم تورطت بسقوط سلطة الإخوان في مصر والدول المغاربية.
12- ثم جاء الفراغ الأمني في معظم مواقع خارطة المنطقة العربية بالتدهور الأخير؛ وهو تبلور ما سمي بتنظيم داعش ثم تحوّل إلى مسمى الخلافة الإسلامية وهو في حقيقته لا هو دولة ولا هي إسلامية, بل تنظيم إرهابي انتهازي اجتذب كل من يستلذ العدوانية الدموية والشبق من أنحاء العالم إلى محيطنا العربي.
دول الخليج تحتاج الآن للتخطيط لتفكيك ومجابهة وإيقاف كل ما يضر بها على كل الجبهات محلياً داخلياً وخليجياً وإقليميا ودولياً.
وتحتاج إلى استراتيجية للعمل كجبهة موحدة حيث يد الله مع الجماعة والاتحاد قوة والتشتت ضعف. وأضيف أننا لا نبدأ من نقطة الصفر. حيث تم الكثير من خطوات التقارب وتقليص نقاط الاختلاف لمواجهة التحديات المشتركة.