هدى بنت فهد المعجل
إدانة الشخص واتهامه لمجرد الشك وتوهم القصد أكثر ما نعاني منه نحن أصحاب الرأي، بالتالي نتواجه مع أناس يظنون في أنفسهم القدرة والاستطاعة على تصحيح الخطأ، لكنهم يقعون في خطأ أشنع من الخطأ الذي توهموا وقوعنا فيه.
قبل مدة توهمت إحداهن أني تعرضت للذات الإلهية في مجمل حديثي «عز شأنه وجل قدره» الأمر الذي دفعها لأن تمطرني بوابل من الألفاظ المنفعلة المعبأة بالخطأ وسوء اللفظ غير المؤدبة ترتب على ذلك لزومي الصمت أيام كي أسترد توازن تفاجئ منها «خصوصاً وأن ظاهرها لا تدل على ما ظهر منها!» ثم أتفرغ للرد عليها اعتماداً على ما ثبت في الأثر والأسانيد من الأساليب الصحيحة للدعوة والتوجيه والنصح فقد ثبُتَ بالأسانيد الصحاح أنَّ عمر بن الخطاب عطَّلَ حدّ السرقة في عام الرمادة. لماذا؟ لأن الحدود تُدرأ وتُدفع بالشُّبُهات، والمجاعة شُبهة أن الجائع ما دَفَعه على السرقة إلاَّ الجوع.
وكان عُمر رضي الله عنه يقول: لأن أُعَطِّل الحدود بالشبهات أحب إليّ مِن أن أُقيمها بالشبهات.
وقالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإذا وجدتم للمسلم مَخْرَجاً فَخَلّوا سبيله، فإن الإمام إذا أخطأ في العفو خير مِن أن يُخطئ في العقوبة.
وفقا لبحث منشور في موقع اللجنة الإسلامية العالمية عُرِّف العنف اللفظي بأنه شكل من أشكال القصور والعجز الذهني، ودليل من دلائل النفس غير المطمئنة، وصورة للخوف من الطرف الآخر مهما تعددت أشكال ذلك الخوف، وانعكاس للقلق وعدم الصبر والتوازن، ووجه من وجوه ضيق الصدر وقلة الحيلة، ويُعتبر مؤشراً لضعف الشخصية، ونقصاناً في رباطة الجيش وتوازن السلوك، وأياً ما تكون العلة، فالعنف بشكل عام مرفوض ومنبوذ أخلاقياً وحضارياً وسلوكياً واجتماعياً، ودائماً لم ولن يُعالج الخطأ بخطأ آخر.
ويُعرِّف علماء الاجتماع العنف اللفظي بأنه استعمال عبارات مخلة بالآداب والأخلاق الحميدة، وتشير معظم الدراسات إلى أن ظاهرة العنف اللفظي ترجع لأسباب اجتماعية وحضارية وثقافية تتباين من مجتمع إلى مجتمع آخر.
من أشكال العنف اللفظي التوبيخ الشديد، يليه الاستهزاء والتحقير، يليه السب والشتم.
وإذا أردتِ أن أشير إلى مواقعها في لفظ تلك الإنسانة كي تقفوا على عنفها اللفظي ضدي فسأرقمها لكم ثم سأضع تعليقي عليها بين قوسين.
1 - هدى هذا كلام وحده لها ثقافه ووعي «استهزاء أو وجه من أوجهه وبذاءة في اللفظ وتقليل شأني بجانب اختزال مشواري الثقافي المعرفي ونسفه لمجرد أنها اختلفت معي».
2 - لايحق لك التكلم بهذا الأسلوب الواطي «لفظ بذيء وفرض رأي وتدخل».
3 - أعوذ بالله من مقولتك و أبرأ إلى الله مما قلتي «اتهام في غير محله دون تثبت لمجرد أنها «توهمت» القصد ولم تتأكد من قصدي حيث إن الأعمال بالنيات التي لا يعلمها إلا الله إلا إذا كانت تعلم شيئا من علم الله الغيبي!!» (جل الله في علاه).
4 - أرجو عدم الشطح والتكلم فالذات الإلهية بهذا الأسلوب وهذا التمادي. «سوء أدب وتحكم وفرض وتأمر مع من هي أكبر منها سناً وأكثر منها علماً ومعرفة، ولم يأتها منها إلا كل خير بصرف النظر عن توجههي الفكري الذي هو علاقة لي مع الله لا شأن للعبد بها. شأن العبد من الإنسان سلوكه وتعامله معه».
قال عليه الصلاة والسلام: (إن الرفق لم يكن في شيء إلا زانه، ولا يُنزع من شيء إلا شانه). فما عدد الفقرات في كلامها لي التي «انتزعت» منها الرفق بالتالي شأن» كلامها نحوي».
لنفترض أنها مارست هذا الأسلوب مع 100 شخص يشبهون أفكاري أو اختلفت مع توجههم وأفكارهم، كيف ستنجو بنفسها من مواجهة هؤلاء الأشخاص عندما «تأتي يوم القيامة وقد شتمتني» وشتمت وهذا وعشرات غيرنا!!. عندما نأخذ من حسناتها فإذا فنيت أعطيت من سيئاتنا.
معالجة الخطأ بخطأ مصيبة وعي محدود، وأفق ضيق
إما إذا أتينا للذات الألهية التي اتهمتني بالتعرض لها اتهام قوامه «شبهة» سوء الفهم أو سوء الظن دون أن تعمل بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ}. وفي نهج البلاغة قول الإمام علي عليه السلام: «لا تَظُنَنَّ بِكَلِمَة خَرَجَتْ مِنْ أَحَد سُوءً، وأَنتَ تَجِدُ لَها فِي الخَيرِ مُحتَمَلاً مَحمَلاً».
وقوله عليه السلام «إنَّ اللهَ حَرَّمَ مِنَ المُسلِمِ دَمَهُ وَمالَهُ وَعرِضَهُ وَأَنَّ يَظُنَّ بِهِ السُّوءَ».
قبل أن تأتي لتعرّف لي الظلم أو نعرفه لأحد علينا أولا رفعة عن الأشخاص وقد نسيء الظن ونتوهم «قصد» لم يقصدونه إلا إذا كان الفرد متيقنا من قصد الآخر!!.
علما بأن الاختلاف لا يشترط التغيير، إنما يستلزم احترام الآخر احترام فكره ورأيه ومعتقده.
على الإنسان أن يفهم أنه لنصرة الإسلام وللانتصار للذات الإلهية آلية، وأسلوب وشخصيات معينة «لا أي شخص!!» وأدوات قوامها:
1 - الحكمة. 2 - الموعظة الحسنة. 3 - المجادلة بالتي هي أحسن. أما من لا يمتلك هذه الأدوات فعليه لزوم الهامش حيث لا يخدمه حتى «الاعتماد على غيره» في الرد على الآخرين.
الخلاصة:
أن من يظنون في أنفسهم القدرة على تصحيح الخطأ يقعون عن محاولة تصحيحه في عدة أخطأ وقوع هذه الإنسانة معي المتمثلة تلك الأخطاء في: 1- الظلم. 2- سوء الظن. 3- العنف اللفظي. وفي شأنها قال النبي:
«الدواوين ثلاثة...» وذكر منها صلى الله عليه وسلم «وديوان لا يتركه الله» وبينه صلى الله عليه وسلم بقوله: وهو ظلم العباد بعضهم بعضا».