بندر عبدالله السنيدي
اعتدت ألا أكتب عن الأمور السياسية البتة ككاتب ينثر حروف قلمه بين الفينة والأخرى. فلا يتعدى موضوعات كتاباتي الصحفية الأمور الاجتماعية التي تتعلق بالمواطن بالدرجة الأولى. نعم كل ما يتعلق بالكتابات التي أشارك فيها هي عن منظومات داخلية كمنظومة الصحة والتعليم والأمن الداخلي وما يتعلق كما ذكرت بأمور المواطن وما يجب له وما عليه. حتى أمور الرياضة فأنا بعيد عنها نظراً لعدم اهتمامي بالرياضة كسابق عهد عشته في إحدى مراحل حياتي. إلا أنه وبعد عاصفة الحزم التي شنتها بلدي المملكة العربية السعودية ضد من يسمون بالحوثيين في اليمن أجبر قلمي أن أتطرق إلى موضوع سياسي بالدرجة الأولى. نعم فما قامت به المملكة العربية السعودية بقيادة سلمان العز والفخر ملك المملكة العربية السعودية أجبر القاصي والداني على الحديث عن عاصفة الحزم. يبرز هذا الشيء من خلال ردود الأفعال التي تناولتها وسائل التواصل الاجتماعي وما حوته من وجهات نظر كل مسلم على وجه العموم وكل سعودي على وجه الخصوص. ففي تلك الحملة العسكرية التي شنتها السعودية لإضفاء الشرعية على اليمن الشقيق وإعادة الحق لأهله فخر وعزة لكل مسلم على وجه المعمورة. يتبع هذا التحرك العسكري من حفظ الأمن في وطننا المملكة العربية السعودية بعد أن أصبحت الحدود السعودية الجنوبية في خطر بسبب العدو الحوثي. في هذا المقام لا بد من توجيه رسالة لكل عسكري يشارك في عاصفة الحزم تتمثل بالتالي أنك كمسلم عربي سعودي تأمل جيداً أنك تدافع عن أغلى البقاع على وجه المعمورة بلد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية مهبط الوحي السماوي وحاضنة أغلى البقاع الحرمين الشريفين مكة المكرمة وطيبة الطيبة. وكم هو شرف لكل مسلم أن يدافع عن أرض الحرمين بعيداً كل البعد عن الاعتبارات الأخرى. العالم برمته بعدته وعتاده في مشارق الأرض ومغاربها أيد تلك العاصفة التي ستحمي بلاد الحرمين من شر الأشرار وكيد الكائدين وحقد الحاقدين على ما تنعم به المملكة العربية السعودية من أمن وأمان يأتي في مقدمة الأمور التي تتعلق بالأمن والأمان زيارة الحرمين الشريفين لأداء مناسك الحج والعمرة بكل طمأنينة. ما يتعلق بموضوع عاصفة الحزم هو مدى تأثيرها على إخواننا في الأحواز المحتلة من قبل العدو الإيراني، وكيف شدت من أزرهم وأيقظت هممهم ضد عدوهم. الأحواز أو الأهواز هي عاصمة ومركز محافظة خوزستان تقع شمال غرب إيران ويخترق المدينة نهركارون وهي ترتفع عن سطح البحر 20 مترا، وبحسب إحصاء عام 2006 بلغ عدد سكان مدينة الأحواز 1.841.145 نسمة. وهي بذلك أكبر مدينة في خوزستان. وقد ذكرها شعراء العرب وتحدثوا عن سكانها العرب، فهذا جرير يقول:
سيروا بني العم فالأهواز منزلكم ونهر ثيرى فلم تعرفكم العرب.
فالأحواز كما جاء تعريفها هي جمع كلمة حوز وهي مصدر للفعل حاز بمعنى الحيازة والتملك وهي تستخدم للدلالة على الأرض التي اتخذها فرد وبين حدودها وامتلكها. والحوز كلمة متداولة بين أبناء الأحواز، فمثلا يقولون هذا حوز فلان أي هذه الأرض معلومة الحدود ويمتلكها فلان. بعد انتهاء حكم الإسكندر الأكبر تم تقسيم ملكه إلى إقاليم، عرب هذه المنطقة أطلقوا على الإقليم اسم الأحواز. ومن المعلوم أن الأحواز خضعت للإسكندر الأكبر وبعد موته خضعت للسلوقيين ثم للبارثيين ثم الأُسرة الساسانية التي لم تبسط سيطرتها على الإقليم إلا في عام 241م. علماً بأنه قامت ثورات متعددة في الإقليم ضد الغزاة الفرس مما اضطر هؤلاء إلى توجيه حملات عسكرية كان آخرها عام 310م حين اقتنعت المملكة الساسانية بعدها باستحالة إخضاع العرب فسمحت لهم بإنشاء إمارات تتمتع باستقلال ذاتي مقابل دفع ضريبة سنوية للملك الساساني. وفي جنوب الأحواز سكنت قبائل عربية منذ قدم التاريخ، يقول الرحالة الألماني (كارستن نيبور) الذي جاب الجزيرة العربية عام 1762م: لكنني لا أستطيع أن أمر بصمت مماثل بالمستعمرات الأكثر أهمية التي رغم كونها منشأة خارج حدود الجزيرة العربية هي أقرب إليها؛ أعني العرب القاطنين الساحل الجنوبي من بلاد الفرس. وتتفق ظروف مختلفة لتدل على أن هذه القبائل استقرت على الخليج العربي قبل فتوحات الخلفاء وقد حافظت دوماً على استقلالها.
الجدير ذكره هنا أنه وبعد انتصار المسلمين في المعركة الأشهر معركة القادسية قام أبو موسى الأشعري بفتح الأحواز. وظل إقليم الأحواز منذ عام 637 إلى 1258م تحت حكم الخلافة الإسلامية تابعاً لولاية البصرة إلى أيام الغزو المغولي. ثم نشأت الدولة المشعشعية العربية (1436-1724م) واعترفت الدولتان الصفوية والعثمانية باستقلالها. ثم نشأت الدولة الكعبية (1724-1925م) وحافظت على استقلالها كذلك. وبعد الخوف والخشية من قوة الدولة الكعبية تآمرت إيران على إقصاء امير عربسات الشيخ خزعل الكعبي وضم الإقليم إلى إيران وهي كذلك منذ عام 1925 ميلادي.
الأحواز مطعمع لإيران وهي كذلك تحت الحكم الإيراني الآن منذ الإطاحة بالشيخ خزعل الكعبي حاكم الأحواز حتى عام 1925 ميلادي.
ويعد السبب الأصلي لاحتلال إيران لهذه المنطقة الأحواز أو عربستان أو خوزستان إلى كونها غنية بالموارد الطبيعية (النفط والغاز) والأراضي الزراعية الخصبة، حيث بها أحد أكبر أنهار المنطقة وهو نهر كارون الذي يسقي سهلاً زراعياً خصباً تقع فيه مدينة الأحواز فمنطقة الأحواز هي المنتج الرئيسي لمحاصيل مثل السكر والذرة في إيران اليوم. سکان المحمرة ومعظم منطقة الأحواز قبل الاحتلال کانوا في غالبيتهم عرباً وکانت إمارة المحمرة هي مرکز الحکومة، ومنذ ذلك اليوم وحتى هذا التاريخ سعى المحتل الإيراني إلى زيادة نسبة غير العرب في الأحواز وتغيير الأسماء العربية الأصلية للمدن والبلدات والأنهار وغيرها من المواقع الجغرافية في منطقة الأحواز؛ فمدينة المحمرة على سبيل المثال غيّر اسمها إلى (خرمشهر) وهي كلمة فارسية بمعنى البلد الأخضر. قويت شوكة الأحوازيين في شمال غرب بلاد فارس وأعني بذلك إيران وأصبح لهم صولات وجولات ضد المحتل الإيراني، وذلك بسبب عاصفة الحزم التي تشنها المملكة العربية السعودية ضد الحوثي المتمرد في اليمن المدعوم من إيران. فيا ترى هل سيكون ما قامت به الممملكة العربية السعودية من شن هجوم وإيقاظ همة وقوة الأحواز العرب لاسترداد استقلاليتهم حدثا تاريخيا الفضل فيه -بعد الله- لحكومة المملكة العربية السعودية بعد ما يقارب القرن من الاحتلال الصفوي الغاشم.