د. عبدالواحد الحميد
جاء في الأخبار أن المملكة تخطط لإنشاء ستة عشر مفاعلا نووياً خلال السنوات العشرين القادمة. نحن نعلم أن المملكة قد أنشأت مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة، لكن نشر هذا الخبر في الظروف التي تشهدها المنطقة يحسم أي تردد ربما يشعر به البعض منا إزاء إنشاء مفاعلات نووية في بلادنا على الرغم من أن المفاعلات التي سوف تبنيها المملكة هي لأغراض سلمية ولا علاقة لها بالتسلح النووي.
لقد استطاعت إيران أن تفرض نفسها على أجندة القضايا الساخنة في العالم، فاجتمعت القوى العالمية الفاعلة لكي تتفاوض معها حول برنامجها النووي. ومن المؤكد أن وجود هذا البرنامج أعطى إيران بعض الأوراق التي تلعب بها، وها نحن نجد أنفسنا على عتبة عالم جديد لا يعلم سوى الله ماذا سوف يسفر عنه رغم أن إيران تؤكد - حتى الآن - أن مشروعها النووي هو للأغراض السلمية فقط.
لقد استطاعت إيران أن تبني خبرة في المجال النووي، وهناك من يؤكد أنها أصبحت الآن قادرة على تطوير مشروعها النووي كي يتجاوز المجالات السلمية، بل إن هناك من يرى أن إيران الغنية بالنفط ليست بحاجة ملحة للطاقة النووية وإنما هي تمضي وفق خطط مُمَرْحلة تنتهي أخيراً بامتلاكها السلاح النووي حين تأتي اللحظة التي تستطيع أن تفرض فيها الأمر الواقع كما تريده هي.
وليس خافياً أن لإيران أطماعاً في المنطقة العربية بشكل عام وفي منطقتنا الخليجية والجزيرة العربية بشكل خاص، فهي بعد أن التهمت «الأحواز» العربية قبل عقود من الزمن، احتلت الجزر العربية في الخليج، ثم ها هي قد أطبقت على ثلاث عواصم عربية هي بغداد ودمشق وبيروت وتريد أن تُلْحِق صنعاء بأخواتها الثلاث. ليس هذا ما نقوله نحن، بل يقوله الإيرانيون ويتردد صداه عبر خُطب أتباعها مثل حسن نصر الله الذي قال في إحدى خطبه الأخيرة «إن خامنئي هو ولي أمري» وأنه يفتخر بذلك، أو كما قال خطيب عربي آخر إنه يتقرب إلى الله بطاعة خامنئي. وخامنئي، كما نعلم جميعاً، ليس مجرد رجل دين يتعبد في محرابه بعيداً عن صخب السياسة وإنما هو في قلب معمعة السياسة الإيرانية.
يُضاف إلى ذلك ما يملكه الكيان الصهيوني من إمكانات نووية، وما تملكه دول أخرى ليست بعيدة عنا. كل ذلك يفرض علينا أن نبني إمكانات نووية للأغراض السلمية ولكي يعرف كل من يضمر لنا العداء أن بإمكاننا تطوير أنفسنا في هذا المجال لو تطلب الأمر ذلك.
أتمنى لو أننا نعيش في عالم تسوده الحكمة والعدالة، وأن تُشرق شمس الغد فلا نجد مفاعلات ولا أسلحة نووية في أي مكان من العالم. لكنني أعلم أن هذه الأماني ساذجة وبريئة! وما دمنا نعيش في عالمٍ أبعد ما يكون عن الحكمة والعدالة فإنني أتمنى ألا تتخلف بلدي عن البلدان الأخرى في المنطقة وغير المنطقة في مجال بناء القدرات النووية الذاتية.