د. عبدالواحد الحميد
في مكانٍ ما من ولاية كاليفورنيا الأمريكية تنتصب لوحة هائلة كُتِبَ عليها: «صلوا من أجل سقوط المطر». هي، إذن، دعوة لنوعٍ ما من صلوات الاستسقاء في مكان يتضاءل فيه شأن الدين في نفوس معظم الناس، وسبب ذلك هو الهلع من الجفاف الذي يضرب الولاية للسنة الرابعة على التوالي!
بمقاييسنا نحن، يبدو خوف أهل كاليفورنيا من شح الماء نوعاً من الترف! ففي هذه الولاية توجد أنهار وبحيرات، وتغطي الثلوجُ قممَ الجبال، ومع ذلك يتحدثون عن شح المياه حتى أن حاكم الولاية أصدر قراراً يتضمن إجراءات تتضمن الحد من استهلاك المياه بنسبة 25 بالمائة بحلول العام القادم، ويقتضي ذلك التخلص من مساحات خضراء مزروعة للزينة وترشيد ري ملاعب الجولف واستبدال بعض أنواع الأشجار والحشائش ذات الاستهلاك المرتفع من الماء بانواع أخرى، وغير ذلك من الإجراءات التي لم تشهدها الولاية من قبل.
تساءلتُ وأنا أقرأ تفاصيل ما يحدث في ولاية كاليفورنيا لماذا نتصرف نحن بقدْرٍ هائل من الاطمئنان ونبذر في استخدام الماء ونحن لا نملك جزءاً ضئيلاً جداً مما تملكه كاليفورنيا من مخزون المياه الجوفية، فضلاً عن الانعدام التام لجبال الجليد او البحيرات او الأنهار!؟
إن الرعب الذي يجتاح الأوساط الحكومية والأهلية في كاليفورنيا بسبب ما يرون أنه شحٌ في الماء له ما يماثله في أماكن أخرى من العالم حباها الله بالموارد المائية الهائلة، ويتوازى مع الاهتمام المتزايد الذي تبديه المنظمات الدولية بظاهرة الجفاف وفي مقدمتها هيئة الأمم المتحدة.
أما عندنا، فإن ما يتم هدره من المياه في الاستهلاك الزراعي والسكني والصناعي لا يدل على أن هناك وعياً حقيقياً بحجم المشكلة التي سوف تواجهنا ربما في القريب العاجل؛ ربما اليوم قبل الغد!
صحيح هناك جهود توعوية تبذلها وزارة المياه والكهرباء، لكنها تظل محدودة في وجه كارثة قادمة ـ لا سمح الله ـ ما لم يتم التعامل مع ندرة المياه من منظور استراتيجي أمني بحيث تصدر قرارات حازمة لترشيد استخدام الماء والقضاء على ظاهرة التبذير العبثي.