د. عبد الله المعيلي
عندما يلتقي السعودي بأي مسلم في بقاع الأرض كافة، شرقها وغربها، شمالها وجنوبها، ما إن يلتقي بأحد منهم إلا ويقابل وعلامات البشر والترحيب، والرضا والفرح، تعلو وجه الأخ المسلم الكريم، إنهم يغمرون السعوديين بمظاهر الحفاوة العفوية الصادقة، والمشاعر النبيلة الفياضة، كل هذا وغيره لأن السعودي جاء من تلك الديار المقدسة، المملكة العربية السعودية، بلاد الحرمين الشريفين، بلاد الأمن والأمان، الرخاء والاطمئنان، بلاد عمَّ خيرها المادي والمعنوي كل مسلم سنحت له فرصة وأقام فيها ما شاء الله له أن يقيم.
إنها بلاد تستحق هذه المشاعر الوجدانية التي لا تخفى طواعيتها وصدقها، ليس بسلطة قوي، ولا بقهر مستأثر، ولكنه فضل الله يمنحه لمن يشاء، وبالتالي على كل سعودي أن يستشعر هذه النعمة الكبرى، وأن يسعى مخلصاً على أن يكون أهلاً وأميناً في تجسيد تلك المعاني الجليلة التي ربط الأخ المسلم بينها وبين كون السعودي جاء من تلك الديار الطاهرة المقدسة، التي هي في أذهانهم ونظرهم بلاد طاهرة، وفي وجداناتهم مقدسة، بلاد الإسلام، بلاد الحرمين، وحاضنة الجسد الشريف.
إنهم ينظرون للسعودي على أنه يجسد صورة الإسلام التي بلغها سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وتلك مسؤولية عظيمة، عليه أن يكون أهلاً لها، وعليه أن يحتاط دائماً على أن لا يرى منه إخوانه المسلمون إلا ما يجسد حقيقة الإسلام مظهراً ومخبراً، وأن يكون في مظهره ملتزماً التزاماً تاماً بمنهج الإسلام وقيمه، وأساليبه في العلاقات والتعاملات، بعيداً كل البعد عن مواطن الشبه أو تلك التي لا يليق بالمسلم أن يقاربها مهما كانت المسوغات.
هذه حقيقة يلمسها كل سعودي أينما حل وارتحل، يجد نفسه محاطاً بهذه الهالة من التقدير والاحترام، والمكانة الجلى التي يجد حرجاً في الوفاء بمتطلباتها، حيث يواجه في الكثير من الأحيان بسيل لا ينقطع من التساؤلات، في أمور تخص الدين والدنيا، على اعتبار أن المظنة الغالبة أن السعودي يمتلك المعرفة الشاملة ذات الصلة بكل شؤون الدين المتعلقة بالعبادات والمعتقدات والمعاملات، هذا خلاف ما يواجه به من معرفة وجهة نظره وموقفه من الأحداث والمتغيرات التي تعصف بالعالم الإسلامي، والدور المتوقع من أمثاله حيال مواجهتها والتصدي لها، والمشاركة الوجدانية والعملية في معالجة ما يترتب عليها من مآس وآلام .
أما على مستوى التقدير الدولي للمملكة العربية السعودية، فالمملكة -ولله الحمد- تحتل مكانة جلى مستحقة لجملة من الاعتبارات، يأتي في مقدمتها، التمسك بمصادر التكوين الشرعي والمدني، كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، والاستقرار السياسي، الأمن الاجتماعي، التوافق والتناغم والتعايش بين أطراف المكون المجتمعي، الرخاء الاقتصادي.
وها هي الآن الرياض تشهد حراكاً سياسياً، على المستوى الإقليمي والعربي والدولي، ولهذا الحراك دلالته على المكانة الجلى للرؤيا الثاقبة الموفقة التي يحملها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان للتعامل مع الأزمات والأحداث التي تعصف بالمنطقة تحديداً، والعالم بصفة عامة.
تغمر المنطقة حالة من الاستبشار والأمل، بعد أن امتدت جسور الحوار والتفاهم والتشاور بين أكبر وأقوى مركزين للإسلام السني في المنطقة يحظيان بالتقدير والاحترام والثقة، المملكة العربية السعودية وتركيا، وبعد أن بدأت المملكة العربية السعودية تمارس ثقلها في العمل على التضامن العربي والإسلامي وتبادر مع قوى الخير، إلى إطفاء حرائق الفتن والفوضى والعنف والإرهاب، التي رسمتها قوى الشر في العالم العربي، وسميت في حينها الربيع العربي، والفوضى الخلاقة، وكلها حبائل شيطانية قصدوا من ورائها تمكين الصهاينة الأعداء، وأعوانهم الفرس حيث كشفت الأيام أنهم متواطئون متعاونون على خذلان المسلمين السنة، وتفريق شملهم وإلهائهم، يعض بعضهم بعضاً، ويقتل كل منهم أخاه، تحت شعارات واهية خائبة.
الآمال معقودة على حكمة صاحب الرؤية العميقة المتزنة المتوازنة، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، سليل الأسرة التي لها باع طويل في التعامل مع الأزمات وحلها.