رقية الهويريني
من الصعوبة تفسير ما تعنيه كلمة (الشخصية) برغم وضوح المعنى، بيد أنه ليس من السهل التعبير عنها بدقة استناداً على أن الوصف قد يحمل معاني واسعة عادة ما تكون متشابكة؛ فضلاً عن أن المرء يبدو مختلفاً أمام الآخرين بحسب الأوضاع المتباينة والأوقات المتفاوتة، فحين تراه في السرور والفرح قد يظهر وكأنه شخص آخر في الحزن والعزاء، وحين تشاهده غاضباً لا تكاد تصدق عينيك بأنه هو ذاته الشخص المرح الهادئ الطبع، وذلك حسب المزاج الذي يحكمه والظرف الذي يقتضيه الحال!
لذا فإن مصطلح الشخصية يشير في مجال الصحة العقلية إلى مجموعة الصفات أو الطباع التي تجعل كل فرد متميزاً ومختلفاً عن الآخر بطريقة تفكيره وشعوره وسلوكه.
ما دعاني لطرق هذا الموضوع هو تحليل أحد أطباء الأمراض النفسية لشخصية الرئيس اليمني المخلوع (علي عبد الله صالح) بأنه سياسي محنك؛ ولكنه مريض نفسي، حيث وصف شخصيته بالسيكوباتية، ودعا له أن ينير بصيرته!!
ومعروف أن السيكوباتية هي اضطراب في الشخصية، وأبرز مظاهرها أن المرء يضاد المجتمع ويندفع للجريمة والقتل والعدوان والاعتداء على الآخرين لأتفه الأسباب! كما أنه يتناسى ولاءه لزملائه وصداقاته في سبيل مصلحته, ويعمد لهجرهم تبعاً لمنافعه الذاتية، كذلك يبدو متبلد الإحساس ولا يكترث لمصائب الناس طالما هو بعيد عنها، ولديه غياب تام بالشعور بالذنب أو الندم مع تكرار إيذاء الآخرين والسطو عليهم، ويميل دوماً إلى المخادعة بتكرار الكذب، أو الظهور بمظهر الرجل الطيب والمثالي بهدف تضليل الآخرين. وغالباً أصحاب تلك الشخصيات ينجحون في الوصول إلى المناصب العليا بسبب انتهازيتهم وعدم تمسكهم بمبادئ أخلاقية أو دينية أو اجتماعية, وبعضهم يسيطر عليه حب السلطة مع السادية مثل بعض الرؤساء كهتلر وصدام حسين!
وقد يتقبّل البعض رأي الطبيب بتحليله للجانب النفسي في شخصية الرئيس اليمني المخلوع، ولكن من الصعوبة الاتفاق معه فيما تناوله بالوصف بأنه (سياسي محنك)، حيث إن أبسط تعريف للسياسة هو رعاية شؤون الأمة داخلياً وخارجياً ودفع الأذى عنها، وتسيير أمور الرعية وقيادتها، ومعرفة كيفية التوفيق بين التوجهات الإنسانية المختلفة والتفاعلات بين أفراد المجتمع، وهي تتطلب الحكمة والدهاء والرفق والتضحية! ولو كان يملك أحدها لما أوصل بلاده لهذا الوضع السياسي والأمني والاقتصادي لدرجة تدخل دول الجوار لإنقاذ الشعب اليمني الشقيق وإرساء السلام والاستقرار فيها.