من استمع إلى خطاب حسن روحاني بمناسبة يوم الجيش الإيراني، لا بد أنه قد أصيب بالذهول مما قاله الرئيس الإيراني، فقد تحدث كما لو أن شعوب المنطقة مغيّبة عن حقيقة دور إيران المشبوه بما يجري من فوضى واقتتال محركها الأول والأخير هي إيران، بما لا يمكن إخفاء هذا الدور، أو التعتيم عليه، أو تجهيل الشعب العربي به، من خلال كلمة تفوح روائحها الكريهة بالحقد والكذب من رئيس دولة لا يعرف أنه يمارس الدجل، وقلب الحقائق، ويقول ما ليس له علاقة بحقيقة الواقع.
***
لقد كان صوته نشازاً كعميليه حسن نصر الله في لبنان وعبدالملك الحوثي في اليمن، جميعهم أثارتهم (عاصفة الحزم) فخرجوا عن أطوارهم بأكثر سوءاً مما كانوا عليه، مارسوا النياحة، والبكاء، ولطم الخدود، في بكائيات ليس لها من تفسير سوى إلهاء الشعب اليمني الشقيق عن مسؤولية إيران في كل الجرائم التي ترتكبها ميليشيا الحوثي في اليمن بالوكالة عن إيران، يث يتم تمزيق وحدتها، واحتلال مؤسساتها، والانقلاب على الشرعية فيها، في توجه مذهبي لإخضاع الحكم فيها بيد فئة صغيرة من مكونات الشعب اليمني ممن يحسب على إيران مذهبياً وسياسياً.
***
ثم يأتي روحاني، بلا حياء أو خجل، ليقول لشعوب المنطقة من (الخليج العربي إلى المحيط)، بأن القوات الإيرانية المسلحة تقوم اليوم بإرساء الأمن والاستقرار في المنطقة من الخليج الفارسي (كما تدعي إيران دائماً) وحتى خليج عدن، بل ومن البحر الأبيض المتوسط إلى المحيطات الكبرى، وأنها - إيران لا غيرها - تحفظ أمن الطرق البحرية والسفن وناقلات النفط، ولا يكتفي بهذا الحجم من الأكاذيب، بل إنه يؤكد ويضيف عدم وجود أي قلق من التواجد البحري الإيراني، بل وعلى العكس من ذلك تماماً فهو يدعي بأن المناورات التي أجراها الجيش الإيراني وحرس الثورة الإسلامية، قد جلبت لشعوب المنطقة الطمأنينة والشعور بالأمن.
***
يا إلهي، هل مر عليكم حاكم كاذب، يستغفل الناس، ويتذاكى بغباء عليهم كما هو روحاني، يخاطبكم بسذاجة بمثل هذا الكلام الساقط والرخيص، والذي لا يماثله فيه ولا ينافسه عليه إلا ما يقوله عبدالملك الحوثي ونظيره حسن نصر الله في خطاباتهما في الغرف أو الكهوف المظلمة، فهم من مدرسة واحدة، وثقافة مصدرها واحد، وتربية لكل منهم نصيبه منها بذات القدر من السوء، فكان أن أصابنا الدوار، كلما أخذنا سوء الحظ إلى الاستماع إلى أي منهم، مضطرين لمتابعة أجواء المؤامرة الكبرى وسيرها واتجاهها، لأخذ الحذر منها، والتصدي لها، فهم ثلاثي أشرار، لا ينفع معهم إلا عواصف تكون بمثل عاصفة الحزم.
***
يقول روحاني، متحدثاً بنزق بالقرب من مرقد الخميني، وكأنه يوجه خطابه لهذا المقبور، لا إلى الأحياء من شعوب المنطقة، بأن الرؤية الإيرانية ليست عسكرية، ولن تبحث عن الحروب، بل أنها - يضيف - ذات طابع دفاعي، وتستند على الرد الفعَّال، بهدف صنع السلام والاستقرار في إيران ودول المنطقة، ترى بماذا سيجيب هذا الرجل المخبول لو سُئل: هل ما تقوم به القوات الإيرانية في العراق وسوريا واليمن ولبنان، وتحاول - وإن فشلت - أن تكرره في البحرين والكويت وحتى المملكة، يندرج تحت هذه الادعاءات الكاذبة، وهل تتوقع أن يصدقها المجانين فضلاً عن العقلاء، بينما يعرف القاصي والداني أن إيران هي صانع ومصدر كل هذه الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة.
***
ولم يتوقف روحاني عند هذا الكلام الرخيص فقط، وإنما أبى إلا أن يمضي باستفزاز كل من هو عربي حر أصيل، بالقول إن القوات الإيرانية المسلحة، بما تملكه من قوة وقدرات، إنما هي لإرساء السلام لا للعدوان، وليس للهجوم على المظلومين والأطفال، وأن هذه القوات ستكون دائماً نصيرة ومدافعة عن المظلومين، وهنا نتساءل: لماذا لا يطبق هذا الجيش هذه السياسة على المظلومين والسجناء الأبرياء في إيران نفسها، أين هو هذا الجيش من الوضع المأساوي لسكان الأحواز من السنة، وأين هو من المعارضة الشيعية الشريفة، أين هو من الاستبداد الذي تمارسه القوى الحاكمة ضد الشعوب الإيرانية، أين هو من تجويع الشعب الإيراني بتبديد ثروات الوطن على المؤامرات في كل دولة عربية تجد فيها من يعبث بأمنها من الخونة وكالة عن إيران وجيش إيران.
***
ومن المضحك، أن هذا الرجل المريض، يدعو القوى الإقليمية الأخرى إلى الاقتداء بالجيش الإيراني في هذا المجال، والابتعاد عن خلق الفتن في المنطقة ومهاجمة الأطفال والنساء وكبار السن في اليمن، ولا يكتفي بذلك بل يتساءل بغباء لم يسبق إليه، متهماً غيره وتحديداً المملكة -وإن لم يسمها- بالقول إلى ماذا تهدفون عبر دعمكم للإرهاب في سوريا والعراق ولبنان، مجيباً بوقاحة بأنكم قد غرستم روح العداوة في شعوب المنطقة، وستحصدون نتيجة ذلك قريباً، فاللهم لا شماتة، فهذا الروحاني لا يدري أنه يتحدث بما ينطبق عليه وعلى بلاده وجيشه الذي يفتخر فيه، إلا إذا كان هذا اللؤم وهذا الحقد قد أعماه وأنساه مسؤولية إيران عن قتل الأبرياء في الدول العربية التي أشار إليها على أيدي عناصر من هذا الجيش، أو بالوكالة عنه من خلال العملاء الذين باعوا ضمائرهم للفرس، بارتمائهم في أحضان من يشترون الضمائر بالمال والوعود التي لن يكون بمقدورهم تحقيقها لهم.