سيطرة إيران على القرار في دمشق وبغداد لا يعني -بالضرورة- أن هذا يمكن أن يتاح لها في صنعاء، وهذا ما كان يجب أن تفهمه وتستوعبه الدولة الفارسية، فلا يأخذها طمع التمدد والسيطرة إلى دفع أعوانها وعملائها في اليمن الشقيق إلى الانتحار، غير أن حساباتها وتقديراتها والنزعة الاستعمارية لديها أبت إلا أن توقع عملاءها في شر أفعالها.
***
وإيران بهذا تكون قد خسرت مصداقيتها لدى من أغرتهم ليقوموا بالانقلاب على الشرعية في اليمن بالوكالة عنها، وظهرت أمام المؤتمرين بأمرها في اليمن بأنها لا تملك القدرة في الدفاع عمن ورطتهم في هذه المؤامرات التي لا حيلة لهم في الخروج من تداعياتها، أمام استسلامهم لسيطرة قوة التحالف على الجو والبحر والبر، واكتفاء الدعم الإيراني لهم بعمل إعلامي رخيص، وبالمطالبة بحل سياسي يقوم على الحوار بين الفرقاء بعد أن أغلقت أمامها كل الأبواب أمام أي دعم لوجستي أو عسكري أو سياسي يمكن أن تقدمه لهم.
***
فكرة الحوار، كانت مطروحة من المملكة ودول مجلس التعاون قبل بدء (عاصفة الحزم)، وكان الطرف المعادي والرافض لها هم الانقلابيون بدعم من إيران، وهو موقف واضح ومفهوم ومرفوض في آن، كون أيّ حوار لا يحقق أهداف التوسع الفارسي في المنطقة، ولا ينسجم مع نوايا مسؤوليها بأن الطريق لقيام الإمبراطورية الفارسية لا يتم ولا يتحقق إلا باحتلال اليمن، وفرض الوصاية عليه، وفق الأجندة الفارسية، كما يحدث الآن في العراق وسوريا ولبنان.
***
لكن ما لم تعرفه طهران أن اليمن خط أحمر؛ لا يمكن أن تسمح المملكة لإيران بتجاوزه، ولا أن يحكمه من سيكونون أدوات طيعة لتنفيذ السياسة الإيرانية الاستعمارية في اليمن، وما لم تعرفه ولن تعرفه إيران أيضاً حجم القوة العسكرية الضاربة بعناصرها البشرية ومعداتها العسكرية التي تمتلكها المملكة، والتي أعدت بهذا المستوى تحسباً لمغامرات إيرانية وغير إيرانية تمس المملكة أو أي من الدول العربية في الجزيرة والخليج، ما جعل طهران بهذا الجهل المطبق، وما أسفر عنه، تعض أصابعها ندماً على توريط ميليشيات الحوثيين وعلي صالح في دخول معركة خسروها منذ اليوم الأول لبدء (عاصفة الحزم).
***
فقد اشتعلت أجواء اليمن، وغطى سماءها الطيران السعودي بمساعدة طيران دول مجلس التعاون، دون أي مقاومة أو حضور لمضادات الدفاع الجوي اليمنية، إذ تم إبطال مفعولها في اليوم الأول من معركة (عاصفة الحزم) ولم يعد أمام علي صالح وعبدالملك الحوثي من مقاومة إلا البحث عن كهوف بين الجبال أو في المدارس والمستشفيات وبين المدنيين، يحتمون بها من صواريخ (عاصفة الحزم)، مثلما يفعل بوق إيران في لبنان حسن نصر الله، حيث لا يستقر في مكان خوفاً من انتقام أحرار الشعب اللبناني الذي عانى من تآمره وعمالته لإيران كثيراً، فقد وضع لبنان بيد أصحاب العمائم السوداء في طهران، وامتدت عمالته بدعمه لبشار الأسد في سوريا ونوري المالكي في العراق مأموراً بذلك من إيران.
***
في الجزء الآخر من (عاصفة الحزم) نتابع نتائجها المبهرة لصالح التحالف، ونأسف (من جهة) لأن أعداء اليمن هم من اليمنيين أنفسهم، بينما يقودنا الفرح، وتغمرنا السعادة (من جهة أخرى) لأن تحالف المملكة ودول مجلس التعاون لم يتركوا اليمن واليمنيين الشرفاء فريسة للمغامرين والمقامرين، سواء المليشيات الحوثية أو العناصر التابعة للرئيس اليمني المخلوع، أو يسمحوا للتدخل الإيراني السافر لتحويل اليمن إلى مستعمرة مؤذية تتآمر على المملكة والدول العربية في المنطقة.
***
سيناريو معركة (عاصفة الحزم) يسير كما خطط له، وينجز أهدافه بنجاح، ويسجل من حين لآخر دعماً عالمياً غير مسبوق، فها هو مجلس الأمن بعد الجامعة العربية يأخذ قراراً مهماً يسمح باستمرار ضرب الانقلابيين ما لم ينسحبوا ويوقفوا القتال ويعيدوا كل شيء إلى ما كان عليه قبل انقلابهم على الشرعية، أي أنه لكي يوقف التحالف ضرباته وحصاره لأجواء وموانئ اليمن، فلابد أن يسبق ذلك عودة الوضع في اليمن إلى ما كان عليه قبل الانقلاب، وأن تتم ترتيب أوضاعه وفقاً لمبادرة مجلس التعاون وما صاحبها من عمل كان يمكن أن يعزز الاستقرار لولا المؤامرة الإيرانية التي أناطت تنفيذها بالوكالة عنها للحوثيين وأتباع علي صالح.