حجاب يحي الحازمي
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز قائد محنك آتاه الله العقل والحكمة، والذكاء والفطنة، وبُعد النظر والشجاعة والإقدام، فهو زعيم استثنائي فذ، وحكيم عربي نادر، وقائد تاريخي عظيم.. جمع الله له المجد والبطولة والإقدام وسداد الرأي ومجامع الفضل والنبل والوفاء والمروءة من أطرافها وأوساطها.
عاصر شطراً من حياة والده العظيم الملك المؤسس عبدالعزيز -يرحمه الله- فاستفاد دروساً مهمة في القيادة والريادة ومكارم الأخلاق.... وعاصر إخوانه الملوك: سعود، وفيصل، وخالد، وفهد، وعبدالله، وكان قريباً منهم يساهم معهم في رسم السياسات الداخلية والخارجية، ويشارك في صنع القرار، ويتعاون مع الجميع في رسم وإقرار سياسات الدولة وتنفيذ خطط التنمية والبناء والنماء.
- سبر الملك سلمان أغوار السياسات العربية والدولية منذ وقت مبكر، وكانت له جولات سياسية كثيرة أنجز خلالها مهمات وطنية ودولية جليلة حتى عرف حينذاك لدى كثير من ساسة تلك البلدان بـ(الملك غير المتوج).
- وهو إلى جانب ذلك قريب من إخوانه المواطنين يزور مريضهم، ويساعد معوزهم، ويواسي مصابهم، ويسهم في علاج مشكلاتهم بحكمة وروية.. فهو من رموز الخير والبر والإحسان في بلادنا وفي غير بلادنا وأياديه هناك وهنا ندية.
- ولجمعيات البر والإحسان جزء كبير من جهود الملك سلمان ووقته وتفكيره.
- كما أن لجمعيات تحفيظ القرآن ودعمها ورعايتها وتشجيع القائمين عليها جزء آخر من جهوده المباركة.
- أما صلاته بالعلماء والأدباء والمفكرين وقربه منهم فذلك جانب آخر من جوانبه الكثيرة المشرقة التي تحتاج إلى شرح واسع وبسط في القول، فما أكثر أصدقاءه ومحبيه منهم الذين يصفونه الود والتقدير بسبب اهتمامه بهم ورعايته وتشجيعه المتواصل لنشاطاتهم العلمية والثقافية وما لمسوه من تواضعه ورجاحة عقله وسعة أفقه وكريم تعامله.
إنه سلمان الفكر.. سلمان العقل.. سلمان الحكمة.. سلمان العطاء والوفاء والنبل وهو قبل ذلك وبعده سلمان الحزم والعزم والإنجاز.
ولأنه سلمان الحزم والعزم والإنجاز فقد بدأ مشواره المبارك منذ تولى سدة حكم هذه البلاد السعودية التي أحبته كما أحبّها وأحب أبناءها.. بدأ مشواره بتلك القرارات الحكيمة العظيمة التي أعادت هيكلة الدولة بحكمة وسداد رأي وكرّمت وساعدت وساندت سائر فئات الشعب واستفاد من فيضها وعطائها المواطن والمقيم وكان لها آثارها العظيمة عليهم، وما زالت قراراته الموفقة تتوالى لتصب كلها بعناية وحكمة في مصلحة الوطن والمواطن.
- ثم جاءت عاصفة الحزم لتؤكد أنه سلمان الحزم والعزم، سلمان بن عبد العزيز الذي يعطى الحلم والصبر مساحات كبيرة فإذا لم يجد الحلم أو كانت جدواه محدودة جنح إلى الحزم والعزم والحسم بعد أن يعد لكل شأن عدته، متمثلاً بقول الشاعر:
ولا خير في حلم إذا لم تكن له
بوادر تحمي صفوه أن يكدرا
نعم لقد رأى قائدنا البطل الملك سلمان أن أولئك المأجورين الذين يسعون لجر المنطقة إلى كوارث لا يعرف مداها إلا الله، لا ينفع معهم إلا الحزم والحسم، وبخاصة بعد أن حاول -حفظه الله- جاهداً استخدام كل وسائل السلم والحلم مع أولئك المتغطرسين الباغين من الحوثيين وأنصار الرئيس السابق الذين أبى عليهم غرورهم وطغيانهم أن ينصاعوا لصوت العقل والحكمة؛ حينئذ وجد بأنه لا يجدي مع هذه الفئات الباغية إلا الحزم والعزم المؤديان إلى الحسم متمثلاً بقول الشاعر العربي:
إذا كنت ذا حزم فكن ذا عزيمة
فإن فساد الرأي أن تترددا
وهكذا فقد جاءت عاصفة الحزم قوية حاسمة مؤكدة لما قالته العرب في أمثالها وحكمها: (اتق غضبة الحليم).
جاءت لترعى حقوق الجوار ولتنجد المستغيث وتنصف المظلوم.. جاءت عاصفة الحزم لتنتشل شعب اليمن من عصابات الإجرام الحوثية أذناب الصفويين بعد أن اختطفوه بخبث وخسة.
جاءت عاصفة الحزم نصرة للحق، وردعاً للظالم، جاءت استجابة لأمر الله القائل سبحانه: {وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} (72) سورة الأنفال، وقوله تعالى:
{وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} لقد استنصرنا الرئيس الشرعي لليمن: عبد ربه منصور هادي ونادى قادة المملكة والخليج طالباً نجدة اليمن وإنقاذها من عبث وطغيان الحوثيين وأذنابهم الذين ينفذون مخططات إيران ويعيثون فساداً في أراضي اليمن ويهددون أمن المملكة العربية السعودية وأمن دول الخليج، بل أمن العالم.
لقد ظن الصفويون وأذنابهم بأن حلم قادتنا وتلمسهم لوسائل الحلول السلمية ضعفاً أو تردداً وما علموا أن الحليم إذا غضب يتطاير شواط غضبته في الحق ناراً تحرق الجاني المتغطرس وتوقعه في شر أعماله وتبدد أوهامه وتعيده إلى جادة الحق التي يتعامى عنها صاغراً.
- جاءت عاصفة الحزم تأكيداً لمقولة أحد الفلاسفة: (غاية الحرب هي السلم).
نعم بلادنا -المملكة العربية السعودية- تهتم بالأمن والرخاء والاستقرار وتوفرها لشعبها فهي لا تميل للحروب ولا تحب القلاقل والفتن، ولكنها لا ترضى ولا تقبل بأن يهدد أمنها واستقرارها أو كرامتها حينئذ تهب العاصفة بغير هوادة، حينئذ يجنح قادتنا إلى خيار الحرب برؤوس عالية وعزم وحزم وقوة متمثلين بقول الشاعر:
إذا لم تكن إلا الأسنة مركباً
فما حيلة المضطر إلا ركوبها
لقد جاءت عاصفة الحزم لإحقاق الحق ودحظ الباطل.. جاءت العاصفة لنجدة جيراننا في اليمن الشقيق، فكانت استجابة لاستغاثة رئيسهم الشرعي ولحماية حدود بلادنا بلاد الحرمين الشريفين ولحماية أمن المملكة العربية السعودية وأمن الخليج وأمن العالم، من كيد تلك الطغمة الحاقدة.
لقد عرف قادة بلادنا على الدوام بتغليب العقل والحكمة لأن المملكة العربية السعودية دولة قامت على العدل، والرغبة في استدامة الأمن والسلم، وتحكيم الشرع المطهر في كل شئونها مع نبذها التام للظلم والعدوان وحرصها الشديد على حماية بلادها ومواطنيها من كل أذى وحفظ حقوق الجوار كاملة غير منقوصة مع كل ذلك فإن المملكة بعد أن اعتدي على جيرانها واقتربت الأخطار من حدود الوطن وبعد أن استنفدت كافة الوسائل حينئذ لم تجد بداً من الحرب فاضطرت إلى المكروه، ورحبت به حماية للوطن ونصرة للمظلوم، فلبس قادتها لأمة الحرب وهبوا للذود عن العرين مستعينين بالله على كل ظالم باغ مبين ليلقنوه درساً قاسياً يعيده إلى صوابه راغماً، ذلك لأنها دولة تحب الاستقرار وتكره العبث والطغيان.
وقادتنا -ولله الحمد- أهل العزم والإقدام والنجدة، وسبق أن فعلوا ذلك مع أشقائهم في الكويت حين غزاهم صدام حسين بجيوشه الجرارة واحتل بلادهم وشرد مواطنيها وهدد حدود بلادنا، فسارعت المملكة العربية السعودية لنجدة الكويت وإنقاذها من العدو الغاشم بعاصفة كهذه العاصفة وفرت لها الغالي والنفيس، وعرفت بعاصفة الصحراء دحرت سفاح العراق وحررت الكويت.
كما سارعوا لنجدة الأشقاء في البحرين حين زاد طغيان المد الصفوي وكاد أن يبتلع البحرين فأوقفوا المعتدين عند حدودهم.. وأعادوا للبحرين أمنها واستقرارها.
وها نحن استجبنا لاستغاثة الجارة: اليمن الشقيق التي أتت على لسان حاكمها الشرعي الرئيس عبد ربه منصور هادي بعد أن طغت أذرع المد الصفوي المتمثلة في الحوثيين وأذنابهم.. الذين كادوا أن يبتلعوا ما تبقى من مناطق اليمن.. مع أن المملكة العربية السعودية -كما سبقت الإشارة- لا تسعى إلى الحرب ولا تشجع عليه إلا أنها بعد أن استنفدت كل وسائل السلم بدءاً بالمبادرة الخليجية التي رعتها مع أشقائها في دول مجلس التعاون الخليجي وانتهاء بالدعوات المتكررة للأطراف المتنازعة بتغليب العقل والانخراط في حوار السلم والشراكة حتى ولو كان الحوار في الرياض - بعد كل ذلك اضطرت المملكة العربية السعودية للحرب فخاضتها إنقاذاً لليمن الجار وحماية لحدود الوطن وذلك لأن الحوثيين المدعومين بقوة وخبث من إيران صَمُّوا آذانهم عن كل دعوة سلم ومضوا في مخططهم لابتلاع اليمن وتهديد أمن المملكة العربية السعودية بل تهديد أمن الجزيرة العربية كلها والعالم وتقديم كل ذلك لإيران التي دعمتهم عسكرياً والتي أعلنت سعادتها بعبث الحوثيين وزهوها به، فلما بلغ السيل الزبى واستغاث رئيس دولة اليمن بأشقاء اليمن في المملكة والخليج حينئذ لبى الملك سلمان نداء الشرعية وباغتهم بعاصفة الحزم التي أصابتهم في مقتل وأذهلتهم وأفشلت مخططاتهم.
وهكذا فإن فرحة الإيرانيين والحوثيين لم تتم فلقد فاجأتهم العاصفة التي عصفت بكل أحلامهم الخائبة وردت كيدهم إلى نحورهم (وعلى الباغي تدور الدوائر) والله المستعان.
لقد كانت عاصفة الحزم رسالة قوية وجهتها المملكة العربية السعودية بقيادة زعيمها الهمام البطل الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى الصفويين الفرس في (قم) و(طهران) وإلى الرئيس المخلوع الغادر العميل في جحوره ومخابئه لتقول لهم ولأذنابهم الحوثيين: إن حدود بلادنا خطوط حمر، وأمننا القومي خط أحمر كبير، واليمن جزء من أمننا القومي، والمملكة قوية بالله ثم بعزوم رجالها وقادتها وهي لن تفرط في حدود وطنها ولا في أمنها القومي ولا في هيبتها ولا تسمح بالتطاول عليها من أي كائن من كان.
- جاءت العاصفة فاصطفَّ حول قادتها قادة التحالف العربي، لقد استيقظ المارد العربي الذي كان مغيباً لفترة طويلة فاستعاد تلاحمه وقوته ونبل مقاصده.
- عاصفة الحزم: أعادت التعاون العربي والتلاحم العربي قولاً وعملاً وأعادت للعرب ثقتهم بأنفسهم، وقَوَّتْ لحمتهم، وأنقذت اليمن.
- لقد جاءت عاصفة الحزم صفارة إنذار للصفويين وأذنابهم في المنطقة العربية.. تؤكد لهم فشل مشاريعهم وأضاليلهم بعد أن أصبحت ألاعيبهم مكشوفة لا تنطلي على أحد.
- جاءت عاصفة الحزم لتؤكد للصفويين وأذنابهم بأن الإرادة السعودية صلبة وقوية وصعبة لا تنكسر ولا تتردد في اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب.
جاءت عاصفة الحزم لتؤكد اصطفاف الشعب السعودي بكل فئاته حول قادته مؤيدين بقوة عاصفة الحزم والعزم التي أعادت للمملكة العربية السعودية هيبتها وأكدت التفاف العالم العربي والإسلامي حولها والوقوف معها ضد كل من يحاول العبث بأمنها واستقرارها.
كما أكدت عاصفة الحزم تلاحم شعب المملكة العربية السعودية وقادتها مع شعوب الخليج العربي وقادتهم وأن مجلس تعاونهم قد تحول إلى مجلس وحدتهم الكاملة.
لقد جدعت عاصفة الحزم الأنف الإيراني المتورم، والذَّنَبْ الحوثي المتقزم، وناكر الجميل المتشرذم.
ومع كل ما حققته عاصفة الحزم والعزم على الصعيد الإقليمي والعربي والإسلامي والدولي فإنها أكدت لنا نحن أبناء المملكة العربية السعودية وأبناء دول مجلس التعاون الخليجي بأن اصطفافنا خلف قادتنا الميامين مطلب وطني ملح في كل وقت وحين، ألا ترون أننا جنينا منه النصر المؤزر لبلادنا ولقادتها الذين سطروا لنا صفحات مضيئة على هامات المجد حطمت كبرياء الفارسيين وفضحت زيف الصفويين وأذنابهم وأفشلت مشاريعهم الخايبة التي كانوا يخططون لها وردت كيدهم في نحورهم، وها هو سلمان يصدر قراره بإيقافها بعد أن حققت أهدافها، ويعلن عن بدء عملية إعادة الأمل لليمن الشقيق، فهنيئاً لنا بسلمان الملك القائد الشجاع وبإخوانه أمراء دول مجلس التعاون الشجعان وبشعوبنا المتلاحمة المتعاونة بكل شجاعة وإخلاص وحفظ الله بلادنا وقادتنا وطيارينا وجنودنا البواسل وسدد رميهم ونصرهم على أعداء الأمة والوطن، اللهم آمين.