يوسف المحيميد
كتبت أكثر من مرة في هذه الزاوية أن الإعلام الجديد أصبح صوت من لا صوت له، والرسالة إذا كانت صادقة تصل خلال ساعات إلى المسؤول وصاحب القرار. فما إن أطلق السعوديون وسماً يتناول رجلاً تهجم على سيدة صاحبة (بسطة)، وصفعها حتى سقطت، وبتصوير فيديو قام بتوثيقه أحد المتجمهرين، حتى استجاب أمير منطقة مكة إلى نداءات المواطنين بالقبض على الجاني ومعاقبته، وهذا ما حدث خلال أقل من أربع وعشرين ساعة!
وبعيداً عن الدور الأمني الذي يمارسه الإعلام الجديد، وبخاصة في موقع تويتر، فإن الدور التنويري الذي تقوم به مواقع التواصل الاجتماعي هو دور لا يقل أهمية عن الدور الأمني، وعن الدور الإعلامي بإيصال أصوات المواطنين إلى أعلى مستوى حكومي وقيادي في الوطن، وهو ما ظهر في كثير من الحالات السابقة، غير أننا لا نتنبه إلى ذلك!
في مشهد صفعة المرأة توالت ردود الأفعال الغاضبة، وهب المواطنون بشكل يجعلنا نطمئن إلى أن ثمة إحساساً بالمسؤولية الاجتماعية، تجاوزاً عمن حضر الحادثة واكتفى بالتصوير ونقل المشاهد، دون أن يبادر لردع الرجل المتسبب بإهانة المرأة والاعتداء عليها أمام الملأ، إلا أن وقوف هؤلاء حتى لو بالشحن الإعلامي وحث السلطات على معاقبة المعتدي هو حتماً أمرٌ إيجابي.
ما لفت انتباهي هو نشر البعض مشاهد أجنبية من كاميرا خفية، تتناول رجلاً يعتدي على امرأة في الشارع، وكيف يهب نحوه أقرب رجل ليمنعه، ويتعارك معه إذا لزم الأمر.. كل ذلك انتصاراً للمرأة الضعيفة. وحين أقول الضعيفة فإنني أعني ضعفها الجسدي أمام القوة الجسدية للرجل؛ وبالتالي عدم وجود العدالة في الصراع الجسدي بينهما؛ لذلك من الطبيعي أن يبادر الرجل النبيل والمحترم والمسؤول إلى نجدة امرأة أو طفل.
ومن أجمل هذه المشاهد الأجنبية للكاميرا الخفية أن المشاهد تستبدل مواقع القوى، وتجعل المرأة هي من يعتدي على الرجل في الشارع، وتهاجمه بقبضة يدها، وتنهال بالسب والشتم، ويمر بها الناس في الشارع ببرود، دون أن يتجرأ أحد الرجال بنصرة الرجل المعتدى عليه من قِبل المرأة!
هذه الرسالة التنويرية التي بثها البعض في وسم (هاشتاق) صفعة امرأة المقصود منها أن على الرجل (كي يصبح رجلاً حقاً) أن لا يتأخر في حماية المعتدى عليه من النساء أو الأطفال في الشارع، بل حتى الدفاع عن الحيوان الضعيف الذي لا يملك دفع الأذى عن نفسه.