يوسف المحيميد
مازلت مقتنعاً بأننا نعاني في أشياء كثيرة، ونتراجع في حقول متنوعة، ليس أولها ولا آخرها الإعلام، لكنه للأسف وهو الأكثر تأثيراً، هو الأكثر تراجعاً، خاصة على صعيد الإعلام الخارجي، فلم تنجح وزارة الإعلام طيلة عقود في تطوير إعلامها الخارجي، ولا الجهات الأخرى في الخارج، كالسفارات والملحقيات الثقافية، فلم تعد دول الغرب وحدها، من يفوقنا في التصعيد الإعلامي بقضايا تنتصر لهم مقابل هزيمتنا، بل حتى الدول الأخرى الأقل تقدماً مثل إيران وغيرها.
هل يعقل أن تثير إيران الرأي العالمي في قضية سخيفة لم تنتهِ التحقيقات فيها، عن مراهقين إيرانيين يدعيان بأنهما تعرضا للتحرش الجنسي في مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة؟ بينما لم يحرك العالم ساكناً، وإيران تتحرش علناً بخمس عواصم عربية؟ وتثير الفتنة بين شعوبها؟ وتحتلها بشكل استفزازي؟
ليس تقليلا بالطبع من خطورة قضية التحرش الجنسي كجريمة فردية يعاقب عليها الإسلام قبل القوانين، ولكن ماذا عن جرائم الدول تجاه الشعوب؟ ألا تخجل إيران وهي تحرض إعلامها، وتندد وتقرر بأن توقف رحلات العمرة للإيرانيين، احتجاجاً على قضية منظورة في التحقيق والادعاء العام، بمعنى أنها لم تثبت بعد، حتى تتخذ إيران مثل هذه الخطوة الغوغائية، بينما هي تعيث فساداً وفوضى في الدول العربية، وتتدخل في شؤونها الداخلية، وتدير الانقلابات فيها، ثم تستنكر هي وأتباعها من العرب، مما قامت به المملكة أخيراً، من انتصار للشرعية في اليمن، والوقوف أمام التمدد الإيراني في المنطقة، الذي أصبح يهددنا في دول الخليج، وكأنما عليها أن تلتزم الصمت أمام هذه الأطماع العلنية!
نحن اليوم، بحاجة كبيرة، أكثر من أي وقت مضى، إلى إعلام سعودي خارجي نشط وحيوي، لا نريد منه إن يحسّن صورتنا، وإنما ينقل الحقيقة، والصورة كما هي دون تحسين ولا تجميل، والوقوف أمام الآخرين، وما يقومون به من تشويه صورتنا في الصحافة الأجنبية، وعلى كافة الأصعدة، السياسي والاقتصادي، نعم علينا أن يكون صوتنا عالياً، وصوتنا نحن، لا أن نستعير أصوات الآخرين، لأن التجارب أوضحت أن هؤلاء متقلبين حسب الأهواء والتحولات، فهل يعقل ألا يوجد لدينا كفاءات في الإعلام الخارجي من بين هؤلاء الطلاب المبتعثين إلى الخارج؟
أجزم أن لدينا الكثير من القدرات والكفاءات في الخارج، يستطيعون أن يؤثروا كثيراً في الرأي العام العالمي، لكن لابد من توجيههم، وتبنيهم عن طريق الدولة، وأن يعملوا بالضبط في مجال عملهم، بدلا من أن يهدروا طاقاتهم في العمل بمجالات ليست ذات علاقة.