محمد الشهري
يزخر تاريخنا العربي، سواء في الماضي أو الحاضر بالعديد والعديد من النماذج القيادية التي تضيء سجلاته وصفحاته، والتي ما أن تُذكر حتى تنهال عليها الدعوات بالرحمات، نظير ما قدموه لأوطانهم وشعوبهم وللبشرية من أعمال نافعة وخالدة.. فيما تعجّ مزبلة التاريخ بالعديد من (المسوخ) الذين ما أن يأتي ذكرهم حتى تنهال عليهم (اللعنات) من كل حدب وصوب نظير ما ألحقوه بأوطانهم وشعوبهم والبشرية من العار والدمار وخراب الديار؟!.
** على سبيل المثال: الألعبان المخلوع (علي عبدالله صالح)، ذلك الخائن الذي ظل، وما يزال، يعيث فساداً في بلد أنهكه الجوع والفقر والأوبئة والتناحر من خلال العمل على ضرب المكونات المجتمعية والفئوية ببعضها معتمداً سياسة (فرق تسد) التي فرضها على مدى (ثلث قرن) من الزمان، مستغلاً خبراته وقدراته الشيطانية التراكمية في سبيل تحقيق نزواته وطموحاته السلطوية، هذه السياسة التي نجح في فرضها واستثمارها بعد أن حوّل الشعب اليمني الأبي إلى فئات، بين خائن، ومتآمر، وعميل، وذليل، على حساب يمن العرب والعروبة؟!!.
** هذه المرة لم تنجح مقامرته التآمرية القذرة، إذ كانت (عاصفة الحزم) له ولها بالمرصاد، بعد أن ضاق نبلاء الجيران الخليجيين ذرعاً بخياناته ودسائسه ومؤامراته وابتزازاته ووقاحاته.. فكانت الدرس البليغ الأخير الذي يجب أن يعيه هو ومن تربّوا وترعرعوا في مستنقعه من الأوباش والخونة الذين باعوا (مهد) العروبة للأعاجم بثمن بخس يتشكل قوامه بين (جواز سفر إلى الجنة) وبين الوعد بتحرير البيت العتيق، مكة المكرمة من أتباع (المصطفى صلى الله عليه وسلم) وتحويلها من عاصمة مقدّسة أزليّة للعالم الإسلامي منذ أن خلق الله الأرض إلى ملحقيّة صفويّة؟!!.
** يعني بالمختصر المفيد: انتهى الدرس يا (علي).
دونيس.. هل هو ضالة الزعيم؟
** النجاح في العمل - إذا تحقق - سواء على المستوى الفردي أو على المستوى الجماعي، لايحتاج إلى الكثير من أدوات التلميع والدعاية، بقدر ما يحتاج إلى تقصّي مكامن ومرتكزات ذلك النجاح ومن ثم يُصار إلى الإنصاف والتقييم دون تزييف أو مبالغة.
** وغني عن القول بأن النجاحات المتوالية التي يحققها (الزعيم) فنياً ونتائجياً في الآونة الأخيرة بقيادة اليوناني (دونيس)، إنما جاءت في أعقاب سلسلة من التراجعات والمستويات الباهتة بقيادة الروماني (ريجي) سواء على صعيد الأداء، أو على صعيد النتائج، بدليل ضياع الكثير من الفرص السانحة للبقاء على القمة كما هي العادة المفترضة لكبير آسيا، أو المنافسة عليها على أقل تقدير.. حدث ذلك أمام فرق تفتقر إلى الكثير من المقومات والإمكانات العناصرية المتاحة والمتوافرة للفريق الأزرق؟!
** تعددت آراء النقاد والمتابعين حول مكامن وأسرار هذا التحول الكبير، بين من يراها نتاج قدرات (دونيس) الفنية، وبين من يراها نتاج حالة الهدوء التي أعقبت عاصفة استقالة الإدارة ومن ثم إقالة الجهاز الفني الروماني السابق، فيما يرى البعض الآخر بأن السر يكمن في أن اللاعبين قد تخلّصوا نوعاً ما من بعض الأعباء والضغوطات.
** ما يهمني شخصياً من بين مجمل هذه المعطيات هو (دونيس) وعن مدى وحجم الدور الذي شكّله في هذا التحول الإيجابي باعتباره أحد أهم العوامل المفصليّة في مسألة التفكير في استمراره على رأس العمل من عدمه.
** وهذه المهمة بطبيعة الحال - أعني مهمة تقييم عمل المدرب بدقّة - لايمكن أن تكون منوطة أو محكومة بآراء صحافية مطلقة، أو أخرى صادرة من متابعين عاطفيين.. وإنما هي مهمة إدارية خبراتية بحتة، تتشكّل من خلال وضع مقارنة بين الأساليب التي يتّبعها (دونيس) في إيصال أفكاره للاعبين ومن ثم تطبيقها ميدانياً، وبين أساليب الفاشلين الذين سبقوه، مما يكفل تكوين حصيلة معلوماتية تفصيلية دقيقة من شأنها الخروج بقناعة وافية عن إمكانية استمراره، ولا سيما في ظل النجاحات التي يحققها الفريق تحت إشرافه.. فقد يكون هو ضالّة الهلال بعيداً عن الزخرفة والبهرجة التي عادة ما تواكب التعاقد مع الكثير من الأسماء اللامعة شكلاً، والخاوية مضموناً.