د. حسن بن فهد الهويمل
أن تجد نفسك مكرها على الخوض في وحل السياسة، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الغارقين في مستنقعاتها الآسنة، ممن باعوا دينهم، وقوميتهم بثمن بخس، ورضوا بأن يكونوا أذناباً للمجوس الحاقدين على العروبة، والإسلام، منذ سلفهم الفاسد [أبي لؤلؤة] إلى خلفهم الحاقد [آية الله الخميني] فذلك لون من ألوان الجهاد المندوب إليه.
لقد أمر الله رسوله -صلى الله عليه وسلم - بالمجاهدة، والمجادلة، والمجالدة بالقرآن الكريم، وهو قول مبين: {وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا}.
فالجهاد بالقلم، واللسان لا يقل عن الجهاد بالسنان. ولا سيما أن راهن الأمة العربية غمرته نوابت سوء، غَرَّتها الأحقاد، وأغشت عيونها الجهالة، وطمس آذانها التغفيل. وذر قرن الشيطان من أحضانها متلبساً بالعمائم، واللحى، وذلاقة الألسن.
ووجد العرب أنفسهم وجها لوجه، أمام مجوسية حاقدة، وفارسية مُغِلَّة، وطائفية متوحشة، ماكنا نعرفها من قبل، ولا نقيم لها وزنا.
وهي إذ امتدت كالأخطبوط، وغطت كالإعصار، والْتفَّت كالأفاعي، فإن الجهاد باللسان، والسنان فرض عين على كل مقتدر.
وحين لا تقوم الحاجة إلى جهاد العامة بالسنان، لنهوض الجيوش النظامية بمهمات القتال. فإن الجهاد باللسان لا يقل فعلاً، ومثوبة عن الجهاد بالسنان.
والرسول -صلى الله عليه وسلم - ظل يجاهد بلسانه أضعاف مجاهدته بسنانه.
لقد ابتليت أمتنا العربية بغزوات موجهة، راوحت بين [التتار] و[الصليبيين] وفي كلتيهما بدت أصابع الطائفية الباطنية، متمثلة بـ[بن العلقمي] [والفاطميين] عبر الدسائس، والاستعداء. وما شهدنا إلا بما قرأنا، وتواترت أخباره في كتب التراث، التي لم تسيس، ولم يعمها التعصب المقيت.
والتاريخ يعيد نفسه، بصيغ جديدة، تختلف فيها الأشكال، وتتحد المعاني.
لقد ذر قرن الآيات، والملالي بكل أحقادها، وضغائنها، وخادعوا بمشروع [مناصرة المستضعفين من شيعة العالم]، ونفذوا من كُوَّة الطائفية، التي كانت من قبل آمنة، مطمئنة، متعايشة، متصالحة مع من سواها في الوطن العربي، فأفسدوا عليها بهذا التدخل حياتها الكريمة، وحرية العبادة، ولذة التعايش الآمن، وعَرَّوا خرافات الرافضة الباطنية.
ولما بلغ السيل الزبى، وبلغت الروح الحلقوم، انتفض المارد العربي، ليوقف الطفح المجوسي، الذي ضيق الخناق، وخدع الدهماء، وأدار الرؤوس. فجاءت [عاصفة الحزم] مفاجئة مربكة، لم يحسب لها المعَمَّمُون أي حساب.
جاءت قاصمة، قاصفة. حتى لقد أذهلت المستهدف، والمراقب على حد سواء. وربكت القراء المحايدين، وانتزعت الإعجاب، والإكبار.
وساعة فُزِّع عن قلوب الآيات، وآلياتهم الغبية، لم يجدوا مغارات، ولا مُدَّخلاً يلوذون بها، ولا ثقة بمن حولهم، يعتمدون عليها. ولم يكن حاضرَ أذهانهم الخاوية لَحْظة الإفاقة من ذهول الصدمة إلا [دمويٌ] يتشفَّى بالقتل الهمجي، و[بَقَرِيٌ] يتخلل بلسانه، ويتوسل بلسنه.
[قاسم سليماني] المتوحش.
و[حسن نصراللات] المتفحش.
ذاك يقتل الأطفال الرضع، والشيوخ الركع على الهوية.
وهذا ينحر القيم تحت أقدام الأعاجم، ويناقض نفسه، وهو العربي العقوق.
وكلاهما بكل ما يمارسانه من وحشية، وخسة لا يزيدان المرجعيات المعممة إلا خبالا.
لقد أجمع الإعلاميون على أن [سليماني] مجرم حرب، مَكَّن لـ [إيران] من أرض العراق، والشام، ولبنان، واليمن. وأحلامه الصفوية تزين له إعادة تشكيل خارطة العالم العربي، ليكون [وِلآيات تأتمر بأمر الآيات].
إنه بممارساته التصفوية الصفوية، يعد مجرم حرب متوحش، لا يختلف عما سلف من مجرمي الحروب، الذين تطاردهم محكمة الجنايات الدولية.
[سليماني] يقود [فيلق القدس]، و[قوات الحرس الثوري الإيراني] و[ميليشيات طائفية] و[حزب الله] و[الحوثيين]، ويقتل على الهوية، ويسارع في تغيير التركيبة السكانية، بالتهجير، والقتل.
بعد [عاصفة الحزم] التي عصفت بالأحلام الصفوية، هب [سليماني] ليرسم خارطة الخلاص من المأزق. ودلق [نصراللات] لسانه ليزيف الوعي.
وجد [سليماني] نفسه أمام معركة محكمة الصنع، بتقنية متفوقة، وتأييد عربي، وإسلامي، وعالمي. فنكص على عقبيه، يردد بشرود، وذهول:- {وَأَنّا لَمَسْنَا السمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا}.
ووظف [نصراللات] لسانه البقري، مستخدماً لغة الجسد، وبلاغة اللسان، وقنوات الضرار، ليواري عار الهزيمة، وكلما أزهقته الحجارة، دَوَّى عواؤه، وارتفعت أصواته، مكذباً الحقائق، مزيفاً القول، متناقضاً في أقواله.
وأبلغ وصف له ما قاله الناطق الرسمي لـ[عاصفة الحزم]:- كلما زاد الإرهاق ارتفع الزعيق.
[سليماني] مهندس العمليات الإرهابية، ولَّى هارباً، لا يَلْوي على شيء، تاركاً عملاءه [الحوثيين] ينقرضون يوماً بعد يوم، وليس بيده إلا التحريض على الثبات. في حين لا يقدر على مساندة، ولا يملك مساعدة.
ينظر إلى مشاريع الآيات التوسعية، التي أنفقت عليها [إيران] من خبز الجياع، وأدوية المرضى، وهي تتهاوى تحت ضربات العاصفة.
وهل من حسرة تساوي تلك الحسرة؟.
وصدق الله :{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ}.
{سليماني} المرعب بوحشيته، يقف مكتوف الأيدي، وأذنابه الذين خرجوا على الشرعية بتخطيطه، ودعمه، يمزقون شر ممزق.
لقد أرداهم ظنهم السيئ. إذ ما كانت نظرتهم لـ[المملكة العربية السعودية] نظرة واقعية.
لقد ظنوها [مشيخة خليجية مترفة، تعيش لتأكل]. ولما صدمهم الواقع، التفتوا إلى ما بأيديهم من قوة، وإلى ما حولهم من أذناب، فوجدوا أنفسهم عاجزين عن المواجهة. ووجدوا أذنابهم كـ [طير الحبارى] المطارد، يتوسل بسلحه.
وظل [نصر اللات] بين هدير زائف، ورغاء خائف، ومواء متواسل، وهديل خادع، وتناقض مخجل.
وضاع الاثنان وسط دوي الصواريخ، وأزيز الراجمات، وعصف القصف.
و[المملكة] وحلفاؤها، لم تشغلهم الانتصارات عن المواقف الإنسانية.
يضربون المتمردين بيد، ويضمدون الجراح بيد.
صقورنا البواسل يضربون ذنب الأفعى في اليمن. وسوف يموت رأسها في [إيران] بغيظه، لأنه يرى مشاريعه التوسعية، الإفسادية، العدوانية، تتهاوى كما لو كانت أبنية على جرف هار، تنهار في مزبلة التاريخ، حاملة سبة الدهر، وعار الهزيمة، وشماتة الأعداء.
وإذ زهقت روح [الخميني] وهو منكسر، تحت ضربات [العراق] المؤَيَّدة من دول الخليج، فإن أرواح الآيات، والملالي، وسفاحها، ومهرجها، ستزهق لا محالة، تحت ضربات دول التحالف، بقيادة [المملكة العربية السعودية] التي لم تكن الحرب خيارها، ولا العدوان سبيلها، ولا العداوة من أخلاقها. ولكنها أكرهت، فلم تتأب. ونوشدت، فلم تتردد. وخاضت المعركة، دون أن ينتابها الخوف.
ومع كل الانتصارات، لم تعجبها قوتها، ولا كثرة المؤيدين لها، المباركين لمبادرتها.
ويبقى [سليماني] و [نصراللات] يقلبون للآيات، والملالي أمورهم. وتمضي [عاصفة الحزم] تُقَطِّع الأوصال، وتبدد الأحلام، وتخيب الآمال الطائفية المجوسية.
لقد فقد [سليماني] صوابه، وفقد [نصراللات] رشده، ولم يبق أمامهم إلا المشهد الأخير لأحلامهم الصفوية، المجوسية.
وسوف تَطْوي [عاصفة الحزم] صفحة الماضي، بكل ما فيها من مرارة، وانكسار. وستفتح صفحة، عربية، جديدة، ناصعة، لا مكان فيها للصفوية المجوسية، ولا للطائفية المتعصبة العدوانية.
وستعود الأمة العربية، بكل أطيافها، وطوائفها، ومذاهبها، ونحلها إلى التعايش، والتعاون، والتعاذر، متفسحة لكل المكونات.
لقد عاش [العراق] آمناً بكل مكوناته السكانية. وعاشت[سوريا] آمنة بكل أطيافها. وعاشت [لبنان] بكل فئاتها متصالحة، وعاش [اليمن] بكل قبائله، ومذاهبه، بمثل ذلك.
وما تناحرت الطوائف، وما تفرقت المكونات السكانية إلا من بعد ما جاءتهم الآيات الضالة، المضلة، الحاقدة، المحرضة.
وسأصرف النظر عن الرئيس الإيراني [حسن روحاني] وفيض مغالطاته، وادعاءاته، إذ كفاني [رئيس التحرير] الأستاذ [خالد المالك] كشف زيفه، ونقض غزله.
وعن [بشار الجعفري] ممثل النظام السوري في مقر الأمم المتحدة، وطوفان افتراءاته، واتهاماته لـ[لمملكة العربية السعودية]، فقد فجر حقده مندوبنا في الأمم المتحدة [عبدالله المعلمي] حين استعدى العالم الحر على وحشية النظام السوري. {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ}.