محمد آل الشيخ
في بيان وزارة الداخلية الأخير، حول مقتل رجلي الأمن، وملابسات هذه القضية التي كشفتها التحقيقات، بدا واضحا أن وسيلة الإرهابيين للتواصل فيما بينهم، وتلقي التعليمات من قياداتهم، وإصدار الأوامر، وتنسيق وتنفيذ العمليات الإرهابية، كانت (مواقع التواصل الاجتماعي الإلكترونية)، وتحديدا تويتر والفيس بوك. فهذه الوسائل الحديثة سهلت بشكل واضح ليس الدعوة للإرهاب، وتجنيد الصبية المضطربين نفسيا فحسب، وإنما أصبحت هذه المواقع الإلكترونية المنتشرة في المملكة والعالم، خاصة بين الشباب، ساحة مفتوحة بلا ضوابط لكل من هب ودب، سيما دُعاة الإرهاب والإرهابيين، ليتواصلوا مع بعضهم البعض، ويتبادلوا المعلومات، وينسقوا فيما بينهم، لنسف الأمن والاستقرار في البلد؛ ولعل تواصل الفتى اليافع مضطرب الشخصية «يزيد أبونيان» مع من جنده هو دليل جلي على ذلك؛ فقد اتصل به من خلال هذه المواقع، ثم التقاه شخصيا، وأعطاه التمويل والسلاح والذخيرة، رغم أنه كان لا يعرفه ولا يعرف هويته، إلا أنه (مجاهد) داعشي، وصل إليه، وتواصل معه، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، ثم أبلغه بأوامر قيادة الدواعش في سوريا، فامتثل لها، وقام فعلا بقتل رجلي الأمن غيلة، انطلاقا من كونها عملية جهادية كما يزعمون.
ما يجب علينا أن نعيه ونتنبه إليه، أن هذه الجريمة، وما كان يُخطط له الإرهابيون من جرائم أخرى أدهى وأمر على أمننا واستقرارنا، ما كانت لتكون بهذه السهولة واليسر، لولا هذه المواقع الإلكترونية الإبليسية؛ ونحن كمجتمع وكدولة ما زلنا حتى الآن نعيش على رجع صدى وتبعات ما سُمي في السنوات الخمس الأخيرة (الربيع العربي) الذي حاول فيه المتأسلمون السياسيون، خاصة أذرعهم العسكرية الإرهابية، أن يركبوا أمواجه، ويُقيمون على دويّ رياحه دولتهم، أو ما يسمونها في أدبياتهم (دولة الخلافة)؛ ورغم سقوطهم وفشلهم، وانحسار شعبيتهم، بعد أن رأت الجماهير العربية ما جرى ومازال يجري من جرائمهم في سوريا والعراق وليبيا واليمن وسيناء في مصر، إلا أنهم مازالوا يستهدفون أمننا واستقرارنا بأية طريقة؛ الأمر الذي يُحتم علينا وبسرعة، وقبل أن يسبق السيف العذل، ويقع الفأس في الرأس، أن نقطع الطريق بحزم لا يعرف التساهل، على كل هذه الفئات، ومؤامراتهم، ونُسيّج مجتمعنا، بحجب مواقع التواصل الاجتماعي العالمية عن الداخل؛ كما فعلت الصين، حين حجبت هذه المواقع المشبوهة عن الصينيين، وأتاحت مكانها مواقع تواصل اجتماعية بديلة تؤدي الخدمة ذاتها، تحت رقابتها وتتبعها؛ فأنشأت تويتر صيني مثلا، وكذلك فيس بوك ويوتيوب خاص بهم؛ فنأت بمجتمعاتها عن هذه الجرائم وهذه الدعوات المؤدلجة؛ لذلك لم نسمع أن صينيا التحق بالدواعش ولا القاعدة ولا جماعة الإخوان؛ رغم أن في الصين فئة صينية مسلمة تربو على 130 مليون مسلم، أي ما يوازي ثلاثة أضعاف مسلمي أوربا والولايات المتحدة مجتمعين، ومع ذلك لم نسمع أن داعشيا أو داعشية أتت من هناك والتحقت بهذه العصابات الإجرامية؛ في حين أن الأوربيين والأمريكيين، يشكلون من تعداد الدواعش - مثلا - رقما مرتفعاً، والسبب الأول أن تواصل هذه الكائنات الإرهابية مع مسلمي الصين مسألة صعبة إن لم تكن مستحيلة، وتعترضها من العقبات، ما جعل مسلمي الصين محصنون من هذه الدعوات الدموية الخبيثة، ولم يستطع أبالسة الإسلام السياسي أن ينفذوا إلى هذه المجتمعات؛ كما لم نقرأ أو نسمع قط أن لرأس الثعبان (جماعة الإخوان) أي وجود أو تمثيل بأي شكل كان داخل الجغرافيا الصينية، وبذلك تعذر على الأذرع العسكرية للإسلام السياسي، كداعش والقاعدة، أن تخترق الصين، سواء من خلال استقطاب صينيين كمجاهدين في عصاباتهم، أو بتدبير عمليات إرهابية على الأراضي الصينية على غرار مايفعلون في الغرب وفي بلادنا.
والسؤال: ألا يكفي ذلك كدليل كاف لأن نقتفي أثر الصينيين، ونسير على ذات المنوال الصيني، ونحجب بإتقان مهما كلفنا الأمر هذه المواقع الشيطانية عن فضائنا الانترنتي، ونستبدلها بمواقع (سعودية) بديلة، تكون تحت رقابة شديدة، من شأنها أن تخلصنا من مؤامرات هؤلاء المتأسلمين الدمويين؛ بل ومن كل حركات الإسلام السياسي، التي جعلت من سوريا والعراق وليبيا واليمن، غابة مستباحة يؤمها الوحوش والمجرمون وقطاع الطرق وشذاذ الآفاق من شتى أنحاء العالم؛ ولتغضب أمريكا وأوربا ومعهم منظمات حقوق الإنسان إلى يوم يحشرون؛ فأمننا واستقرارنا وسلامة الوطن من هذه الوحوش المتأسلمة أهم منهم ومن إرضائهم.
إلى اللقاء.